@raedaahmedrr
في نهاية كل عام، يقوم عدد لا محدود من الأشخاص بكتابة نواياهم وأهدافهم للسنة الجديدة، ويطلقونها في أجواء من البهجة.
في ديسمبر المنصرم "عشرون واحد وعشرون"، كنت قد أطلقت بالونة مليئة بالأهداف والنوايا إلى السماء، وأودعتها إلى خالق الكون، كان من ضمن الأهداف رحلة تنظمها الصديقة الأستاذة مريم الدخيل إلى جزيرة المالديف، وأطلقت عليها مسمى "نرفانا". هل قلت نرفانا! ياااه.. مر زمن على تلك القصيدة الرائعة للشاعر حسن السبع "يرحمه الله"، والتي كان عنوانها "نِرفانا"، وكان يقول فيها: أجملُ لقطةٍ تتخطف الأبصارَ
نِرفانا..
وأجرأ لحظةٍ في دفترِ الأعمارِ
نرفانا..
أريق العمر
كلّ العمرِ كي أحظى بطلعتها. وكانت الكلمات بمثابة الرصاصة التي أصابت رأسي، نعم سأحظى برؤية تلك الجزيرة الساحرة، بعد ما يقارب السنتين من رحلتي في محاربة الجائحة، كانت فرصة للهدوء والاستمتاع، وإعادة شحن للروح والقلب والجسد، والاستمتاع بجمال البحر ورائحته، وبكل الحسن الذي يُدعى
في كتابِ الحبِّ: أمطارُ الخيالِ وغابةُ الأسوارِ.. والأسرار نعم هي رحلة نرفانا..
ولكلمة نِرفانا عدة تعريفات، منها أنها حالة الخلو من المعاناة، وتعتبر النيرفانا الانطفاء الكامل الذي يصل إليه الإنسان بعد فترة طويلة من التأمل العميق، فلا يشعر بالمؤثرات الخارجية المحيطة به على الإطلاق، ويصبح منفصلًا بذهنه وجسده عن العالم الخارجي، هكذا وصفها البوذيون.
أما الفيلسوف الألماني شوبنهاور فأطلق كلمة «نِرفانا» على السعادة العقلية والنفسية، واصطلاحًا نِرفانا تعني الاستنارة، وأخيرًا في بالي والفكر الهندي يتم استخدام المصطلح للإشارة إلى انقراض الرغبة والكراهية والجهل، وفي النهاية الولادة من جديد.
عودة إلى نِرفانا «المالديف»، وكيف «تدفقت الليالي
لؤلؤًا.. كرَزًا.. وألحانًا»، في أجواء من الألفة الدافئة، والتي عُجنت بطبيعة المشاركات في هذه الرحلة التي أحببتُ فيها هفواتهن الطبيعية، واستأنست بها، كما كان للمكان الجزء الكبير في بث روح الدهشة في قلبي وروحي، كنتُ أستمع لتسبيح الطيور والأزهار والأشجار، وكان للبحر وصفائه، وللسماء وزرقتها كلمة أخرى وقصة تُروى.
أما طلوع الشمس فكان يقول: اشرقي في سماء الدنيا، كما تشرق الشمس في كل زمان ومكان، وإياكِ والانطفاء إلا للراحة وقت الغروب..
ما يجعل تجربتي هذه المرة مختلفة وعميقة وراسخة، هذه الألفة التي كانت قائدة نِرفانا منبعها، كما يقول إبراهيم ناجي: "مُشرق الطلعةِ في منطقهِ لُغة النّورِ وتعبيرُ السّماء».
* ومضة: الحياة رحلة دون لوحة إرشادية، كل ما عليك أن تفعل الخير، وتستقبله بكل حب، وأن تقبل وتُسامح لتبدأ من جديد وليكن شعارك:
"فالعيشُ مُتعَتُهُ فيما نُكابده
عُسرٌ فَيسْرٌ وأفرَاحٌ فأكْدارُ
والنّاس في رحلةِ الأيامِ أوعيةٌ
للخيرِ والشّرِّ والإنسانُ يختارُ».