أكملنا ما يقارب السنة منذ إطلاق برنامج «نطاقات المطور»، والذي بدأ تطبيقه في نهاية العام الماضي، واعتمد البرنامج في نسخته المحدثة على تعديلات رئيسية، ساهمت بشكل كبير في تحقيق نتائج مميزة، وبمستويات لم نصل لها في السنوات السابقة، وأميز تلك التعديلات كانت بتقديم خطة توطين ثابتة، لمدة ثلاث سنوات.
في البداية من المهم توضيح أمر هام فيما يتعلق بقرارات التوطين، فالتوطين بالوقت الحالي ليس «بوجهة نظر»، بل يعتبر «الوجهة والنظر»، بمعنى آخر وجهة الدولة في رفع معدلات التوطين، والنظر لتحقيق مستهدفات الرؤية التي تم الإعلان عنها، ولذلك من المهم أن ندعم جميع قرارات التوطين طالما هناك مرونة في اتخاذ القرارات على سوق العمل.
للحصول على أقصى نتائج لأي مشروع؛ من المهم التفكير بطريقة أوسع، فالتخطيط طويل المدى لا يتعامل مع القرارات المستقبلية، بل مع مستقبل القرارات الحالية، ولذلك اقترح إضافة بعض المبادرات، والتي سيكون لها أثر أكبر في تطوير وتحقيق مستهدفات سوق العمل التي نعمل عليها.
قبل عدة سنوات كانت هناك مبادرة مميزة من وزارة الموارد البشرية تسمى بمبادرة «تعويض الكفاءات»، وأعتقد أن تلك المبادرة تم تعليقها، وبالرغم من اختلاف وجهات النظر عليها، إلا أنها تعتبر من أهم المبادرات التي نحتاجها في الوقت الحالي، وتختص تلك المبادرة بتعويض نقص الكفاءات الوطنية في تخصصات «نادرة» أو «مهن لا يمكن توطينها حالياً»؛ بسبب عدم وجود من يشغلها من المواطنين، وتستهدف تلك المبادرة إعطاء حلول مثالية وسريعة لمنشآت القطاع الخاص المتميزة، مما يساهم ذلك في استقرار القطاع الخاص واستمراره بنفس الكفاءة.
حتى نصل لأهداف تلك المبادرة، من المهم أن يتم تحديد المهن التي لا نستهدف توطينها، بالإضافة للمهن غير الجاذبة للباحثين عن العمل السعوديين، وذلك من خلال استخدام معيارين أساسيين «وظائف طموحة» و«قدرة العامل السعودي في تلك المهن»، وأيضاً حصر تلك المبادرة على فئة معينة من المنشآت حتى يكون ذلك حافزاً لتحقيق مستهدفات التوطين.
ذكرت سابقا في أكثر من مقال أن الأساس من برنامج «نطاقات المطور»، يكمن في استدامة عملية دخول المشتغلين السعوديين بمستويات تدريجية، حتى نصل لمرحلة تتوسع فيها القاعدة الوظيفية للمشتغلين السعوديين بشكل مرن، وبما أننا اليوم نعيش في مرحلة مميزة، من حيث المرونة في مراجعة وتقييم القرارات من قبل وزارة الموارد البشرية بشكل دوري، أرى من المهم أن تكون هناك مراجعة لمعدلات التوطين في بعض الأنشطة، أو التوجه لإعادة تطبيق مبادرة «تعويض الكفاءات» والتي اقترح أن يتغير مسماها إلى «تعويض المهن النادرة».
هناك أنشطة كان استيعابها مرنا في رفع معدلات التوطين مقابل صعوبة لدى أنشطة أخرى، ولذلك من المهم تقييم تلك الأنشطة بشكل تفصيلي، والسبب الرئيس لذلك أن وجود وتوسع الأنشطة الحالية سيساهم في توفير فرص حالية ومستقبلية للتوطين، وكل توسع سيساهم في خلق وظائف إدارية أوسع من السهل توطينها.
تحويل المسار التخصصي لكثير من الباحثين عن العمل بالإضافة للعاملين بالوقت الحالي، يعتبر تشخيصا مهما لحال التخصصات في سوق العمل، وأعتقد أن التوجه لتطبيق التوطين القطاعي سيساهم بشكل كبير في تشخيص الكثير من الأنشطة التي تعتمد بشكل كبير على المهن النادرة، كالمهن الحرفية بشكل أكبر من المهن الإدارية.
ختاما؛ نتفق جميعاً على توطين الوظائف والمهن النوعية التي يرغب بها الباحث عن العمل السعودي، وبإمكانه التطور فيها كون مسارها الوظيفي واضحا في سوق العمل، والأثر من هذا التوجه نجده بشكل أسرع من غيره، وفقاً للنجاحات التي شهدتها قرارات التوطين النوعية الأخيرة.