هناك كثير من الرافعات الاقتصادية التي يمكن أن تسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي، غير أن بعضها أكثر تأثيرًا وأسرع أثرًا في ذلك، وفي مقدمتها الصناعة ولا شك، ثم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والخدمات اللوجستية التي تعد واعدة ويمكنها أن تحدث الفارق في عمليات النمو، وكلما ازداد الدعم من خلال التمويل والتحفيز والتشجيع ارتفعت معدلات الأداء والمساهمة المتوقعة.
حين يتم تعزيز النشاط في أي قطاع اقتصادي بعمليات تمويل استثمارية مجزية فذلك يشكل قيمة مضافة للمنشأة وإنتاجها وخدماتها وقدراتها التنافسية، ويمنحها تغطية داعمة لتوسعها واستكشاف الأفق الاقتصادي، وذلك ما ينعكس على تمويلات بنك التنمية الاجتماعية التي شهدت ارتفاعات قياسية لتمويل المنشآت الصغيرة والناشئة في نهاية عام 2022م بتمويل أكثر من 8600 منشأة بقيمة تجاوزت خمسة مليارات ريال.
في أحدث تقرير للبنك تم الانتهاء من الأعمال التمويلية لجميع المنتجات لهذا العام باعتماد تمويلات بأكثر من 13 مليار ريال، استفاد منها أكثر من 150 ألف مواطن ومواطنة خلال عام واحد فقط، شملت أكثر من 63 ألف قرض اجتماعي، وتمكين أكثر من 99 ألف ممارس للعمل الحر وأسرة منتجة من دخول سوق العمل في مدن المملكة كافة بتمويل بلغ 4.4 مليار ريال، فيما تم إقرار مخصصات مالية تفوق 35 مليار ريال للمنتجات التمويلية للأعوام الثلاثة المقبلة لتعزيز الشمول المالي والاقتصادي للمواطنين ورواد الأعمال.
وذلك يقودنا إلى تعزيز مفهوم الاقتصاد الاجتماعي الذي يستوعب مؤسسات وجمعيات النفع العام والفكر الاقتصادي للأفراد بحيث يديرون اقتصاداتهم بوعي أكبر يجعل من الادخار وسيلة مهمة في تنفيذ مشاريعهم الاقتصادية الخاصة، والإنفاق بتوازن ينعكس على السوق وإدارة مواردهم من خلال المنظومة الاقتصادية فالبنك، على سبيل المثال، أسهم في دعم تأسيس أكثر من 47 ألف حساب ادخاري جديد للمستفيدين، وتمكين أكثر من 15 جمعية ومؤسسة غير ربحية لدعم تعميق أثر القطاع غير الربحي في المملكة.
حين يتسع مثل هذا النطاق الاقتصادي بداية من الفرد وتطوير وعيه تبرز المشاريع الرائدة والصغيرة والمتوسطة، ويرتفع مستوى الطموح، ويلي ذلك المنشآت الكبيرة والشراكات التي تحقق المستهدفات وتضيف للناتج المحلي الإجمالي، ما يتطلب مزيدًا من التوسع في التمويل، ودخول الغرف التجارية والصناعية بثقلها في تطوير مقومات الاقتصاد الاجتماعي.