قال تحليل حديث، إن معظم المحللين والمستثمرين، لا يزالون متشائمون بشأن وضع الاقتصاد الكلي في الفترة القادمة، موضحا أنه بعد العديد من عمليات تخفيض التوقعات، يشير إجماع توقعات لـ بلومبرج إلى تحقيق الاقتصاد العالمي لنمو ضعيف نسبته 2.1% في عام 2023، وهو أقل بكثير من المتوسط طويل الأجل البالغ 3.4%.
واستطرد: هذا يعني أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يُوصف بأنه فعلياً في مرحلة «ركود»، إذا استخدمنا عتبة صندوق النقد الدولي البالغة 2.5% لتعريف الركود العالمي.
توقعات أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.6% في عام 2023
وذكر التحليل الذي نشره «بنك قطر الوطني»، أنه مع دخول العام الجديد 2023، يمكن القول إن قدراً كبيراً من الأحداث السلبية قد تم فهمها واستيعابها بالفعل.
ورأى أن السلسلة السابقة من عمليات تخفيض التوقعات أدت إلى تشاؤم مبالغ فيه بشأن مدى انخفاض توقعات النمو، متوقعا أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.6% في عام 2023، مع توسع جميع الاقتصادات الكبرى بوتيرة أسرع مما يتوقعه معظم المحللين.
إجماع بلومبرج هو أداة ترصد توقعات المحللين ومراكز الفكر وبيوت الأبحاث بشأن النمو العالمي وتوفر مجموعة من التنبؤات بالإضافة إلى نقطة متوسطة لتوقعات السوق.
وأشار التحليل، إلى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم الموقف الأكثر تفاؤلاً بشأن أداء الاقتصاد العالمي في عام 2023، وتشمل هذه العوامل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين.
أكبر اقتصاد في العالم يتراجع إلى 0.9% في 2023
وقال إنه، في حين أن النمو في الولايات المتحدة، التي تُعتبر أكبر اقتصاد في العالم، من المقرر أن يتراجع إلى 0.9% في عام 2023، من 1.5% في العام الماضي، إلا أن الأداء لا يزال أقوى مما يتوقعه معظم المحللين.
وأضاف، أنه على الرغم من استمرار تشديد السياسة النقدية، والذي من شأنه أن يرفع سعر الفائدة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى 5.25-5.5% في الربع الأول من هذا العام، من المتوقع أن يحافظ الاقتصاد الأمريكي على مرونته، موضحا أن الاستهلاك في الولايات المتحدة، الذي يشكل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، يُعتبر جيداً حيث تتمتع الأسر بمستويات عالية من المدخرات (15.8 تريليون دولار أمريكي).
وينبغي أن يستمر هذا الأمر في دعم المستويات الجيدة لإنفاق الأسر على الخدمات، وقوة أسواق العمل، وبالتالي فهو سيدعم الاستثمارات المستمرة في القطاع الخاص، مما يضع حداً أدنى لمجمل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
التباطؤ يتسارع أكثر ويتحول إلى ركود في اليورو
العامل الثاني الذي تحدث عنه تحليل «بنك قطر الوطني» بالنسبة لمنطقة اليورو، فقال، إن من شأن التباطؤ أن يتسارع أكثر ويتحول إلى ركود على مستوى المنطقة في النصف الأول من عام 2023، مرجحا أن يكون التباطؤ أقل شدة مما كان متوقعاً في السابق.
وأشار إلى أنه في وقت كتابة هذا التقرير، ثبت أن أزمة الطاقة هي أقل حدة مما كان متوقعاً على خلفية الشتاء الأكثر اعتدالاً من المتوقع حتى الآن، والآليات الأكثر فعالية في توفير الطاقة، ومخزونات الغاز المرتفعة من الصيف الماضي، مرجحا أن يستمر تخفيف السياسات المالية لدعم زيادة الإعانات والتحويلات المباشرة إلى القطاعات والأسر والمناطق المعرضة للتأثر.
وأضاف التحليل، علاوة على ذلك، سيتعين على البنك المركزي الأوروبي الاستمرار في سياسته ذات الشقين المتمثلة في رفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم مع إعادة تخصيص الأدوات الكمية لتوفير الدعم للجهات السيادية المثقلة بالديون في منطقة اليورو، لا سيما في الجزء الجنوبي من القارة. ومن المرجح أن يبدأ التعافي في النصف الثاني من العام، ولكن قد يكون محدوداً بسبب استمرار نقص الطاقة الذي قد يكون له تأثير أقوى في الشتاء المقبل.
الصين تعود إلى الواجهة كمحرك للنمو العالمي في 2023
العامل الثالث الذي أورده تحليل «قطر الوطني»، يتعلق بالصين، موضحا أنه بعد عام من ضعف النشاط، من المرتقب أن تعود الصين إلى الواجهة كمحرك للنمو العالمي.
وقال إن الاقتصاد الصيني، قدم أداءً ضعيفاً في الأرباع الأخيرة بسبب السحب المبكر لسياسات التحفيز، وسياسات صفر كوفيد، وتضييق الخناق على الأنشطة العقارية، وتشديد اللوائح التنظيمية للعديد من الصناعات، وزيادة الاستقطاب الجيوسياسي ضد الولايات المتحدة.
وأستطرد: ومع ذلك، فإن الصين تتأثر حالياً بخمسة محاور رئيسية، بما في ذلك سياسات مالية ونقدية أكثر دعماً، و التخلي التدريجي عن سياسات صفر كوفيد، و دعم القطاع العقاري المتعثر، و زيادة الوضوح التنظيمي عبر الصناعات و عودة التقارب مع الولايات المتحدة.
وقال إن ومن شأن هذه المحاور الخمسة مجتمعة أن تعيد إحياء النشاط الاقتصادي في البلاد، ولذلك فإن توقعاتنا تفوق الإجماع، حيث تُقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 5.5% في عام 2023.
وأختتم التحليل بالقول، إنه بشكل عام، لا تزال البيئة الكلية العالمية تشكل تحدياً. ومع ذلك، يبدو أن التوقعات المفرطة في التشاؤم تغفل عناصر مهمة من قوة الاقتصاد الكلي، مثل قوة القطاع الخاص في الولايات المتحدة، ومرونة منطقة اليورو، وإعادة إحياء النمو في الصين، متابعا: لذلك نعتقد أن تحقيق «الهبوط السلس» على المستوى العالمي لا يزال مطروحاً على الطاولة.