كثيرة هي الأشياء التي تُعتبر من روتين حياتنا كحلل الشروق، حين تضيء، وكخميلة الليل حين تفرد سوادها الدامس فيظلم الكون، كانتثار النجوم بهيئتها المعهودة، واشتداد بريق بعضها بتتابع في مواسمها المحدودة، وهناك أمثلة كثيرة تسابقت لذهني لأحكي عنها، وتخيّرت أناشيد الصباح، وحالته الثابتة الملتزمة بالمواعيد، وحالنا معه فقلت: صباحنا يطرق الأيام لا يتوقف عن زيارتنا مهما كانت عناوين المساء، وإن كان يومًا ما سيختار أن يغيب فتغيب معه عن الحياة.
صباحنا يزورنا، يحضر معه يوم جديد وعنوان، مبهمة عناوين ساعاته، مغلفة بغطاء ثمين نفيس، نفتح وريقاته ثانية بثانية، ونعيشها دقيقة بدقيقة، وما كان فيها حال يُمسي رجوع ساعته محالًا، وبعد ذلك يصبح ما استقبلناه مبهمًا ماضيًا مكتوبًا بعنوان جليّ كتبناه نحن، حسب حالة مزاجنا وإنجازنا وأعمالنا، وصنعنا منه ماضيًا يُضاف لفهرس أيامنا.
صباحنا يطرق يومنا، يرتدي رداءً أنيقًا جميلًا مبتهجًا بزيارتنا، متطلعًا للقائنا، فنفتح له نوافذ أبصارنا لنعيشه ونستقبله كيف نشاء؛ لنبقي عليه رداء الابتهاج أو نستبدله برداء آخر، بعد أن نسكب عليه شيئًا من خزانة مشاعرنا، كما نشاء، وأحيانًا نستعير البشر، ونجعلهم سببًا في تغيّر ذاك الرداء.
صباحنا يستأذن ساعاتنا لنُهندمها كما نشاء، فاختار لها حُلَّة جميلة، حلَّة مريحة تتحرك بها ومن خلالها بأريحية تتخيَّرها فقط لتلفت نظرك لذاتك القيمة، تخيّرها مناسب لونها لمزاجك قاصيًا كل ما قد يعكر بهاءها، تخيّرها جيدة الصنع مناسبة لمخرجاتك تقاوم تقلبات الطقس، فلا يحبسها ردٌّ قاسٍ، رغم رغبتها في الانطلاق، ولا يدفعها طيب للخروج، رغم رغبتها في الاعتكاف، تخيّرها على قدر طاقاتك فلا تجعلها طويلة لتتعثر بها، ولا قصيرة فتبرد وتجف رغباتك.
صباحنا يطلق ثوانيه لتعيشها، لا لتعيشك فأنت مَن تُضيء حياتك، ولا شأن لها هي سوى أنها تحسب أنفاسك، وتقيّد أعمالك.
صباحنا قاني المشاعر، منتشٍ بأريج السرور الذي سيبقى على حال أريجه، وقد يزيد مع تقدُّم الساعات تركيزه إن استقبلته برضا وتوكّل وقناعة مفادها كل ما كُتب لي خير من كل خير، ولن ابتئس على ما لم يُقدَّر لي، وسأبذل الأسباب إلى أن أحقق المراد.• نغمة:
الحياة محطات كثيرة، محطة إثر محطة، وفي كل محطة عبرة، وفي كل زاوية عظة، وأجمل رسالات كل محطة «إلا مَن أتى الله بقلب سليم».
@ALAmoudiSheika