تتطور بلادنا اقتصاديًا وماليا، وتتوسع استثماريًا، ولا بد أمام هذا التطور الكبير من تطوير منظومة التشريعات بما يتناسب، وحاجة السوق، وضوابط الشريعة الإسلامية، ومتطلبات الاستثمار، وبما يضاعف، ويعزز من قوة الاقتصاد السعودي، ويجعله قوة، وقاطرة تقود بقية الأعمال، والنشاطات التجارية، والاستثمارية الأخرى.
ولذلك، تحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -يحفظهم الله- على عرض الأنظمة، والقوانين على الشرع قبل اعتمادها للتأكد من عدم تعارضها مع أنظمة الشريعة الإسلامية، والعمل على تعديلها إذا لزم الأمر وفقًا لذلك فقد تم اعتماد نظام الإفلاس الجديد، والذي أعدته وزارة التجارة.
الوزارة من جهتها نشرت التنظيم الجديد، وإجراءات الإفلاس، وإعادة التنظيم المالي للمنشأة، والتسوية الوقائية، ووضع معايير للمدينين في جميع المنشآت، ويُعرف الإفلاس بالانتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر، وتختلف الأسباب لتأخر المنشأة عن الوفاء بالتزاماتها المالية فقد يكون تأخرها نتيجة أزمات اقتصادية، أو نتيجة أخطاء تجارية، أو إخفاء القوائم المالية.
فنظام الإفلاس في جميع التشريعات هو الحجز الشامل على أموال صاحب المنشأة المفلسة، وحرمانه من التصرف في أمواله، وتصفيتها ماليا، وقسمتها بين الدائنين، وذلك ضمن جهود وزارة التجارة التي تستهدف تحقيق العدالة للجميع، وتطوير أنظمة الإفلاس، حيث إن نظام الإفلاس الجديد يعمل على إنشاء بيئة تسهم في توسعة المنشآت المالية بشكلٍ نظامي.
ونظام الإفلاس الجديد يعالج القصور في الأنظمة المعمول بها سابقًا، خاصة في النشاطات الاقتصادية، وإعادة الهيكلة المالية، وتحسين البيئة الاستثمارية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ومنح المدين المتعثر فرصة لتصحيح أوضاعه، والتسوية مع دائنيه، وتمكينه من العودة إلى ممارسة نشاطه التجاري، وتعزيز الثقة في سوق المنشآت.
كما أن نظام الإفلاس يعمل على تصفية المنشآت المتعثرة، والتي تزيد خسائرها على 75 % من خلال إجراءات نظامية، ومعالجة الأوضاع المالية للمنشآت، خاصة المتأثرة بالخسائر المالية لأكثر من 100 %، وأصبح نشاطها التجاري ضعيفا جدا، ولا يؤمل عودتها لتحقيق الأرباح، والسيطرة على أعمالها التجارية والاستثمارية.
والإجراءات العامة لنظام الإفلاس تحتاج من وزارة التجارة، وهيئة سوق المال لتطبيقات متطورة بما يتوافق مع البيئة المحلية بجوانبها الشرعية والقانونية، فإيجاد نظام شامل للإفلاس ضرورة مهمة للحد من التغيرات، خاصة في الأنظمة القانونية، والمالية والتجارية، والاستثمارية ليشمل الجميع بمبادئ الشفافية، والوضوح والحوكمة، ورفع مستوى السوق التجاري.
فتطبيق نظام الإفلاس الجديد سيسهم في رفع مساهمة القطاع الخاص، خصوصًا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتنمية التجارة والصناعة، والاقتصاد الوطني، ولتحقيق ذلك يفترض عودة النشاط التجاري إلى مستوى جيد يحقق فيه قيمة مضافة إلى الاقتصاد السعودي، ويساعد رجل الأعمال على سداد التزاماته تجاه الغير.
كما يجب على هيئة سوق المال متابعة المستثمرين، والمتداولين في سوق المال السعودي فيما يخص الإفصاح عن الشركات المدرجة في السوق، وضمان اتخاذ قراراتهم الاستثمارية وفق بيانات دقيقة تعكس الوضع المالي للمنشأة التي تسجل خسائر أكثر من رأسمالها، وتمكين المستثمرين من متابعة وضع المنشأة، ومراقبة الوضع المالي للمنشآت، ومساعدتها على حل مشاكلها المالية.
والاستمرار في نشاطها التجاري، والاستثماري في حال تعرضها للخسائر المالية، وإيجاد آليات فاعلة، وبيئة استثمارية آمنة، ويفترض الإعلان عن المنشآت التي تبلغ خسائرها أكثر من 75 % من رأس المال، والإفصاح عن القوائم المالية ربع السنوية، ومقارنتها بالقوائم المالية ربع السنوية السابقة وتطبيق الإجراءات، والأحكام لنظام السوق المالية.
[email protected]