أكد مختصون أن نسبة الشفاء بعد التدخل الجراحي لمرضى الصرع، تصل إلى 90%، مع استخدام الأدوية، وأنه يمكن إيقاف الأدوية المضادة للنوبات جزئيًا أو كليًا، في حال عدم تعرض المريض لأي نوبات، لمدة عامين على الأقل.
وأوضحوا في «ندوة اليوم»، أن ثلث مرضى الصرع يعانون من الصرع المستعصي، أو الصرع المقاوم للأدوية، مشيرين إلى وجود علاج عن طريق تحفيز العصب الحائر، عن طريق زراعة جهاز تحت الجلد، لمنع وتخفيف حالات التشنجات الصرعية.
الصرع المقاوم للأدوية
قالت استشاري الأعصاب وأمراض الصرع المستعصية د. موضي الخالدي: إن ثلث مرضى الصرع يعانون من الصرع المستعصي أو الصرع المقاوم للأدوية، وفي هذه الحالات تخفق الأدوية في السيطرة على النوبات الصرعية، ما يؤدي إلى مضاعفات ومخاطر صحية عدة، منها التعرض لإصابات جسدية أثناء النوبة، وتأخر نمو الأطفال، وتدهور حالة الذاكرة ومهارات التفكير.
وأضافت: قد تؤدي المضاعفات في بعض الحالات النادرة إلى الموت المفاجئ، وقد تكون الجراحة هي الخيار المطروح في هذه الحالات، ما يجعل المريض مؤهلًا للتقييم الجراحي من قبل الأطباء المختصين بالفسيولوجية العصبية.
وتابعت إن جراحة الصرع تشمل استئصالًا جزئيًا أو كليًا، لفصل أو تحفيز المناطق المسؤولة عن النوبات التشنجية في الدماغ، وبشكل عام يُعتبر المريض مؤهلًا للتقييم الجراحي، عندما تعجز الأدوية عن السيطرة على النوبات، وذلك بعد فشل خيارين مختلفين على الأقل من هذه الأدوية.
وأكملت: تستهدف الجراحة القضاء على النوبات الصرعية، أو التقليل من حدتها، مع أو بدون استخدام الأدوية، وتتم الجراحة بعد خضوع المريض إلى العديد من الاختبارات والفحوصات الشاملة، وقد يحتاج بعض مرضى الصرع البؤري إلى زرع أقطاب كهربائية على سطح الدماغ، لرسم خرائط دماغية كهربائية أكثر دقة قبل التدخل الجراحي.
وأشارت إلى أن نتائج جراحات الصرع تختلف باختلاف نوعه، ونوع الجراحة، وأن احتمالية الشفاء من النوبات خلال العامين التاليين من الجراحة تصل بين 87 و90%، مع استخدام الأدوية، وفي بعض الحالات في حال عدم تعرض المريض لأي نوبات لمدة عامين على الأقل قد يفكر الطبيب في وقف الأدوية.
اضطراب كهربائي مفاجئ في الدماغ
أكدت طبيب المخ والأعصاب في مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر د. نور المحيش، أن الصرع يُعد أحد الأمراض الشهيرة في تخصص المخ والأعصاب، وهو عبارة عن عدة نوبات تشنج تصيب المريض، نتيجة اضطراب كهربائي مفاجئ في الدماغ، ويمكن أن تُسبِّب النوبة تغيُّرات في السلوك أو الحركة أو المشاعر، وكذلك في مستويات الوعي.
وأضافت: الصرع بصفة عامة هو التعرض لنوبتين أو أكثر يفصل بينها 24 ساعة على الأقل، ولا يحفز تلك النوبات سبب معروف، وقد تكون نوبة التشنج مستحثة بسبب أو غير مستحثة بدون سبب.
وأوضحت أن للصرع عدة أنواع وأشكال، لكن يمكن تقسيمها بشكل عام إلى نوبات صرع معممة، ويصفها بعض المرضى بالنوبات الكبيرة، وبها يفقد المريض وعيه، يبدأ بالتشنج، بالإضافة إلى عض اللسان، والتبول اللا إرادي، وتستمر هذه النوبة عادة من ثوان «30 ثانية»، ولا تتجاوز 5 دقائق، وإن تجاوزت فيجب زيارة الطوارئ، إضافةً إلى نوبات الصرع البؤرية، والتي يصفها المرضى بالنوبات الصغيرة، وتنقسم إلى نوعين، نوع يصاحبه فقدان للوعي، والنوع الآخر غير مصحوب بفقدان الوعي.
تنويم 30% من الحالات بوحدة مراقبة الصرع
بيَّن استشاري المخ والأعصاب والصرع د. محمد الشريم، أن التشنجات هي عبارة عن نشاط كهربائي غير طبيعي، تصاحبه أعراض حركية، وفقدان للوعي، أو أعراض حسية، مثل التنميل في الوجه والأطراف، لافتًا إلى تشخيص الصرع بعد أخذ التاريخ المرضي بشكل دقيق من المريض، ومن المرافقين الذين شاهدوا النوبة، وبعد ذلك إجراء الفحوصات اللازمة، مثل أشعة الدماغ، وتخطيط الدماغ، وتحاليل الدم.
وأضاف: أسباب الصرع عديدة، منها إصابات الرأس، وحدوث نقص تروية للدماغ في السابق، أو نزيف، إضافةً إلى العوامل الوراثية، وفي بعض الحالات تكون مجهولة السبب، وبعد تشخيص الصرع يتم العلاج بواسطة الأدوية للتحكم في الحالة، ورفع الجرعات حسب الاستجابة، وفي حالة عدم الاستجابة للأدوية، الأمر الذي يحدث في 30% من الحالات، يتم تنويم المريض في وحدة مراقبة الصرع، لتحديد مكان البؤرة الصرعية، وإمكانية استئصالها جراحيًا.
وأكمل: في حالة كون النوبات غير واضحة، يتم تنويم المريض في وحدة مراقبة الصرع، وإجراء تخطيط الدماغ لعدة أيام، حتى يتم تصوير النوبة والتأكد من طبيعتها، وأظهرت الدراسات أن نسبة التشنجات غير الصرعية تتراوح بين 20 و40%، وبعد تحديد طبيعة النوبات، يتم اختيار العلاج الأنسب بحسب الحالة.
العلاج عن طريق تحفيز العصب الحائر
أشارت استشاري المخ والأعصاب والصرع بمستشفى الملك فهد التعليمي د. دانة الجعفري، إلى أن العلاج عن طريق تحفيز العصب الحائر، من العلاجات المثبتة علميًا، والتي وافقت عليها منظمة الغذاء والدواء، ويستخدم في حالات الصرع المستعصي غير المستجيب للعلاج الدوائي، وغير المناسب لإجراء العمليات الدماغية لعلاج الصرع.
وأضافت: العلاج بتحفيز العصب الحائر يكون عن طريق عملية بسيطة تحت التخدير، يتم فيها زراعة جهاز تحت الجلد، في الجزء العلوي الأيسر من الصدر، وتوصيله داخليًا عن طريق قطب كهربائي أو سلك للعصب الحائر بالرقبة، ويعمل الجهاز على منع أو تخفيف حالات التشنجات الصرعية، عن طريق إرسال نبضات متكررة ومنتظمة من الطاقة الكهربائية للدماغ.
وأكملت: بعد زراعة الجهاز، يتم برمجته لإعدادات معينة في العيادات الخارجية، عن طريق الطبيب المعالج، باستخدام جهاز مبرمج، ويتم هذا الإجراء بشكل تدريجي ودوري للوصول للإعدادات المطلوبة، والمريض عادة لا يشعر بعمل الجهاز داخليًا، ولا يتطلب منه عمل أي إجراء لتشغيله، خاصةً أنه مبرمج ليعمل بشكل تلقائي.
ولفتت إلى توفير قطعة خارجية، يمكن للمريض استخدامها، لتحفيز الجهاز، وإرسال نبضات إضافية، عند شعوره بعلامات تدل على حدوث التشنجات، وفي حال استجابة المريض للعلاج يتم تبديل بطارية الجهاز عند نفادها بعد عدة سنوات.
التوقف عن تناول الأدوية
أكدت استشاري المخ والأعصاب والصرع د. سارة العامري، أنه يمكن لمرضى الصرع الذين لم يتعرضوا لأي نوبة صرعية، مدة سنتين كاملتين على الأقل، أن يتوقفوا عن أخذ الأدوية، ولكن بعد حساب الفائدة والضرر المحتملين، حسب حالة كل مريض، وبعد الجلوس مع طبيب المخ والأعصاب.
وأوضحت أن الهاجس هو عودة النوبات بعد إيقاف الأدوية، لذلك توجد عدة عوامل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لمعرفة احتمالية عودة النوبات بعد توقف العلاج، خاصةً أن ما بين 30 و50% من المرضى تعود لهم النوبات بعد إيقاف العلاجات.
وأكملت أن من أبرز عوامل حدوث انتكاسة بعد إيقاف الأدوية، أن يكون المريض مصابًا بالصرع لفترة طويلة قبل أن تنقطع النوبات، أو تكون الفترة بين النوبة والأخرى قصيرة، أو يكون الصرع ابتدأ بعمر كبير «يزيد على 25 سنة»، أو تاريخ مرضي للتشنجات الناتجة عن ارتفاع الحرارة، أو حدوث أكثر من 10 تشنجات قبل البدء بتخفيف العلاجات، أو تأخر في النمو، أو وجود تغيرات «شحنات كهربائية زائدة» في تخطيط الدماغ قبل إيقاف الدواء.