مع عودة فصل الشتاء بدأنا نسمع مؤخرا أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) ما زال متواجدا ومنتشرا في بعض الدول. وكأن التاريخ يعيد نفسه، ففي ديسمبر عام (2020م) ظهرت لنا مؤشرات وأخبار عن انتشار فيروس جديد وتحديدا في الصين. واليوم في ديسمبر (2022م) هناك أخبار متداولة عن عودة الفيروس أيضا في الصين، ومع ذلك فقد تم تخفيف ورفع الكثير من القيود هناك، فلعلها تكون بادرة في أننا بدأنا عالميا نحسن التعامل مع هذه الأوبئة.
والواقع أنه ما زال منتشرا في بعض دول شرق آسيا مثل كوريا الجنوبية، حيث الإجراءات المشددة متواجدة في لبس الكمامات في الأماكن المغلقة التي كنا قد تعودنا عليها منذ زمن ليس بالبعيد! ونأمل ألا تعود مرة ثانية لنا، ولا للعالم من حولنا.
وأما سبب الحديث عن هذا الموضوع فهما عاملان رئيسيان، الأول أخبار انتشاره مجددا لدى بعض الدول، والأمر الآخر أن يوم (27) من شهر ديسمبر الحالي يوافق «اليوم الدولي للتأهب للأوبئة».
الحقيقة أنه يبدو أن العالم لن ينفك ببن فترة وأخرى عن موجات مختلفة ومتعددة من الفيروسات الجديدة أو القديمة منها، ولكن مع ظهور هذه الموجات أتمنى أن نكون قد تعلمنا كيفية الوقاية والتعامل معها، والتقليل من الأضرار البشرية إلى أدنى مستوى ممكن. وأن تكون المجتمعات قد وصلت إلى مرحلة المناعة المجتمعية. ولا شك أن بذل الأسباب مثل الإرشادات والإجراءات الصحية، والالتزام بالتطعيمات واللقاحات الموصى بها رسميا هي من الأمور الضرورية لوقاية أنفسنا وأسرنا والمجتمع من تبعات المخاطر لهذه الفيروسات وغيرها من الفيروسات الموسمية.
وتحدثت هيئة الأمم عن هذا اليوم العالمي فقالت: «كما يتضح من مرض فيروس كورونا (كوفيد -19)، فالآثار المدمرة للأمراض المعدية والأوبئة الرئيسية، على نحو ما تجسده جائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد- 19) المستمرة، على الأرواح البشرية، حيث تلحق الدمار بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية الطويلة الأجل، ولأن الأزمات الصحية العالمية تهدد بإثقال كاهل النظم الصحية المنهكة بالفعل، وتعطيل سلاسل الإمداد العالمية، وإلحاق دمار غير متناسب بسبل عيش الناس، بمن فيهم النساء والأطفال، واقتصادات أشد البلدان فقرا وضعفا». وقد جاءت من قبلها عدة توصيات مهمة منها: إقامة أنظمة صحية قادرة على الصمود وقوية، وتشمل الفئات الضعيفة أو التي تعيش ظروفا هشة، وتكون قادرة على التنفيذ الفعال للوائح الصحية الدولية. وبالإضافة إلى التوعية المجتمعية، وتبادل المعلومات والدراسات والأبحاث، وكذلك تبادل أفضل الممارسات الصحية فكلها تدابير وقائية مهمة. ومن المؤكد أن تعاون الدول والمنظمات والهيئات سيساعد بشكل كبير على سرعة الاستجابة والتصدي للأزمات الوقائية والحد من انتشارها. ومن المهم أيضا تعلم الدروس المستفادة من جائحة كورونا المستجد بحيث عدم توقف الخدمات الأساسية في البلدان، ولا الخدمات اللوجستية ولا حركة النقل العالمي.
خلال تلك الموجة والجائحة التي عمت العالم خلال العامين المنصرمين أثبت المملكة العربية السعودية قدرتها على احتوى الفيروس، وقدمت أنموذجا بارعا ومشرفا للعالم ككل في كيفية التعامل مع مثل هذه الأوبئة، بل إنها كانت مثالا يحتذى به في التعامل مع كل المواطنين والمقيمين على حد سواء حيث الشعور بالمسؤولية تجاه الكل، وكذلك تقديم الرعاية الصحية للجميع باعتبارات إنسانية وأخلاقية قبل كل شيء.
لو تتبعنا قضية انتشار الأوبئة والأمراض عبر التاريخ لوجدنا الكثير منها قد عصف بشدة بالبشرية سواء الدول المتقدمة أو غيرها، ولكن مؤخرا مع تطور التقنية وتبادل المعلومات بين الدول والهيئات المتخصصة ساعد ذلك بإذن الله في احتوائها وتقليل من نسب الوفيات والإصابات.
الأوبئة موجودة قديما وحديثا، ولكن التعامل معها طيبا وتقنيا هو الذي تطور وتغيير.
توتيرabdullaghannam@