(@abolubna95)
النجاح هو غاية ما يتمناه الإنسان، وهو الثمرة التي يجنيها لكل ما يبذله من جهد وتعب. لذا نجد أن الأشخاص الناجحين يعملون بكل جد وتفان بحيث يكون النجاح هو النهاية السعيدة التي تكون ختام أعمالهم ومشاريعهم الشخصية والعملية على حد سواء، وطريق الوصول إلى النجاح في غالب الأمر ليس طريقا سهلا معبدا ومفروشا بالزهور بل على العكس من ذلك، فلو تفحصنا سير الناجحين وأصحاب المنجزات العظيمة لوجدنا أنهم مروا بالعديد من العقبات والصعوبات أثناء سيرهم تجاه تحقيق غاياتهم ولكنهم تجاوزوها في نهاية المطاف بتوفيق الله أولا ثم بتسلحهم بالعزيمة والإصرار والقدرة على ضبط النفس ومواصلة المسير.
يعتبر الانضباط الذاتي أحد أهم أسرار تحقيق النجاح بل إنه العامل الرئيسي لذلك، ولعل أهم ما يسعى له الإنسان المسلم في حياته هو النجاح في العلاقة مع الله سبحانه وتعالى حتى يظفر بالأجر والمثوبة وصولا للفوز بدخول الجنان وتلك غاية كل مؤمن، قال الله تعالى في سورة فصلت (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) وقد فسر أهل العلم الاستقامة الواردة في هذه الآية الكريمة بالانضباط الذاتي الذي يتضمن التزام العبد بطاعة الله وعمل الصالحات والفرائض المطلوبة منه فيتحقق له ما وعد به المولى عز وجل، من هنا جاءت أهمية مهارة الانضباط الذاتي ودورها المهم في الوصول للمستهدفات وتحقيق الغايات المأمولة.
تعرف مهارة الانضباط الذاتي على أنها القدرة على التحكم بالمشاعر والتغلب على المشتتات والعقبات وتسخير جميع الإمكانيات نحو أداء الأعمال المطلوبة في سبيل تحقيق المستهدفات والوصول إلى النجاح المرغوب فيه. وهذه المهارة مهمة للغاية وعملية إيجادها لدى الفرد ليست بالأمر السهل فهي تتطلب الإيمان بالقدرات الشخصية وامتلاكه العزيمة والإصرار ومواصلة الجهد والعمل.
وقد لخص المختصون في تطوير وتنمية الذات إستراتيجية مهارة الانضباط الذاتي في عدد من الخطوات، تبدأ بامتلاك الفرد للشغف تجاه ما يود فعله فهو الوقود والمحرك الرئيسي نحو تحقيق الهدف وقد سميت هذه الخطوة بعملية إيجاد الدافع، يلي ذلك وجود خطة طموحة وواضحة المعالم وذات أهداف محددة قابلة للتطبيق يمكن قياسها فمالا يمكن قياسه لا يمكن إدارته ولا يمكن تحقيقه، ولا بأس أن تكون الخطة متدرجة بحيث يتم البدء في مستهدفات صغيرة ثم تتطور وصولا للغايات الكبرى، أما الخطوة الثالثة فهي الإصرار على النجاح ويتطلب ذلك التحلي بالشجاعة والالتزام ومواصلة السير وعلى الفرد أن يتذكر دائما الهدف الرئيسي المراد تحقيقه والفوائد المترتبة عليه لأن في ذلك حافزا له للمضي قدما فيما يريد تحقيقه، ومن الخطوات المهمة في سبيل تطوير مهارة الانضباط الذاتي، معرفة نقاط القوة والضعف للفرد نفسه وكذلك المعوقات المتوقعة ووضع سيناريوهات مختلفة للتغلب عليها، فسر هذه المهارة يكمن في الاستمرارية وعدم الاستسلام واليأس، آخر الخطوات في إستراتيجية تنمية هذه المهارة هي أن يحيط الفرد نفسه بالإيجابيين ويبتعد عن السلبيين والمثبطين قدر الإمكان وذلك مهم جدا لمواصلة التقدم والنجاح في تحقيق المستهدفات وكما قيل في الشعر (من خالط العطار نال من طيبه..... ومن خالط الحداد نال السوائدا).
خلاصة القول: إن مهارة الانضباط الذاتي هي سر من أسرار النجاح وعامل رئيسي لتحقيق المنجزات وهي سمة شخصية من سمات العظماء وأصحاب الإنجازات، كما أنها ذات أثر بالغ وملحوظ على صحة وسعادة الفرد وعامل مهم من عوامل تكوين مجتمع حيوي ومنتج.