هناك مثل قديم يقول إن العصي والحجارة يمكن أن تكسر العظام، لكن الكلمات لا يمكنها أن تؤذي أبدًا.. ومع ذلك يفهم الكبار أن هذه المقولة بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
يمكن للإصابات الجسدية أن تستغرق أسابيع للشفاء، أما التعليقات السلبية قد تبقى آثارها مدى الحياة، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.. فكيف ذلك؟
التحيز السلبي
سواء كان النقد يوجهه المعلم بهدوء في المدرسة، أو تعليقًا قاسيًا جرى إلقاؤه في خضم جدال مع صديق أو حبيب، فإننا نميل إلى تذكر النقد بشكل أكبر بكثير من التعليقات الإيجابية، بسبب ظاهرة تسمى التحيز السلبي.
ويُقصد بهذا التحيز الميل العام للمشاعر السلبية للتأثير علينا بقوة أكبر من التأثير الإيجابي، يجعلنا نولي اهتمامًا خاصًا للتهديدات ونبالغ في المخاطر، وفقًا لما ذكره روي بوميستر، عالم النفس الاجتماعي بجامعة كوينزلاند والمؤلف المشارك لكتاب قوة الأشياء السيئة وكيف يمكنك التغلب عليها- The Power of Bad and How to Overcome it.
التركيز على الجانب المظلم
في حين أن التركيز على الجانب المظلم من العالم حولنا قد يبدو وكأنه أمر محبط، ولكنه ساعد البشر في التغلب على عدة أشياء.. من الكوارث الطبيعية إلى الأوبئة والحروب، من خلال الاستعداد بشكل أفضل للتعامل معها، مع وجود أدلة على أن التفاؤل يمكن أن يساعد أيضًا لحمايتنا من ضغوط المواقف المتطرفة.
ما نقرؤه ونشاهده في الأخبار يمكن أن يزيد مخاوفنا.. على سبيل المثال يتضح خوفنا من الإرهاب، رغم أن عدد الأشخاص الذين قُتلوا على أيدي الجماعات الإرهابية في الـ20 عامًا الماضية في الولايات المتحدة، أقل من عدد الأمريكيين الذين لقوا حتفهم في أحواض الاستحمام الخاصة بهم خلال نفس الفترة، كما يوضح بوميستر في كتابه.
القلق بشأن موقف افتراضي، ولكنه مروع، يمكن أن يجعلنا نخاف، إلا أن تجربة واحدة سيئة صغيرة يمكن أن يكون لها بالغ الأثر على يومنا بالكامل.
مدينة الملك سعود الطبية توضح أفضل الطرق للتخلص من الضغط النفسي#اليوم #اليوم_العالمي_للصحة_النفسية#MentalHealthDay@ksmcmedia pic.twitter.com/6Qfmelftlk— صحيفة اليوم (@alyaum) October 10, 2022
المشاعر السلبية تدوم أكثر من المشاعر السعيدة
راجع راندي لارسن، أستاذ العلوم النفسية والدماغ في جامعة واشنطن، الأدلة التي تشير إلى أن المشاعر السلبية تدوم لفترة أطول من المشاعر السعيدة.. ووجد أننا نميل إلى قضاء المزيد من الوقت في التفكير، في الأحداث السيئة أكثر من الأحداث الجيدة، وهو ما قد يفسر لماذا تظل اللحظات المحرجة، أو الانتقادات تطاردنا لسنوات طوال.
التحيز الإيجابي
أظهرت عشرات الدراسات أن الناس يميلون للنظر إلى الجوانب المشرقة مع تقدمهم في السن، يشير العلماء إلى هذا التأثير على أنه "التحيز الإيجابي" ويعتقدون أننا نبدأ في تذكر التفاصيل الإيجابية، أكثر من المعلومات السلبية من منتصف العمر.
يعتقد "بوميستر" أن السبب في ذلك هو أننا بحاجة لأن نتعلم من الإخفاقات والنقد في سنوات شبابنا، لكن هذا الأمر يتضاءل مع تقدمنا في العمر.
التأثر بالتعليقات السلبية لا يعترف بالعمر
التعليقات السلبية قد يكون لها ضرر في أي مرحلة عمرية، لا سيما خلال المراحل التي نتسم فيها بالهشاشة وسرعة التأثر بالآخرين.
يقول البروفيسور باومايستر: "عندما تكون شديد الحساسية، من الصعب أن تنهض من عثرتك، ولذلك تكون تلك هي أسوأ الأوقات التي يمكن أن نتلقى فيها تعليقات سلبية".