أوضح الاختصاصي النفسي د. عبد الله الوايلي أن حرية كل شخص تقف عند حدود الآخرين، وأن تلك الحدود لها ثلاثة مكونات رئيسية تكمن في الدين والقانون والعرف الاجتماعي.
وتابع أن هذا يدلّ على أن التعامل الإنساني يعتبر العمود الفقري للعلاقات وتأسيس الشفافية بين الناس، فالوضوح دائمًا ما يوجد المتعة والراحة والأريحية النفسية بين الأفراد خاصة بين الزملاء في العمل، نظرًا إلى عدة معطيات كاختلاف الثقافات وهذا محور طرحنا.
الشراكة الفعالة والاهتمامات المشتركة
وبين الوايلي تأسيسًا لذلك أن العلاقات المهنية تعتمد بالدرجة الأولى على الشراكة الفعالة من ناحية الاهتمامات المشتركة، وكذلك ما تتضمنه من روابط قوية قد ترتفع وتنخفض حسب المواقف والأحداث التي تنتجها الأزمات والضغوط النفسية والاجتماعية المباشرة وغير المباشرة، سواءً للفرد أو الجماعة، فقد تتعثّر العلاقة بين الزملاء قبل أن تبدأ أصلًا.
وتماشيًا مع ما جرى ذكره فإن العلاقة المهنية المتعثرة بين الزملاء في ظل وجود حواجز مصطنعة تعتبر طبيعية جدًّا، لأنها تلغي مبدأ الفهم والتفاهم، إذ إنها ترفع شعار لا للتقارب، مما يعني بأن العلاقة هنا قد حكم عليها بالإعدام، وذلك لعدة أسباب منها سوء الفهم أو عدم حسن الظن أو الانهزامية والاستسلام للآخرين المتمثل في الاستماع لأقوالهم وتبني أفكارهم أو نتيجة للاتصال السلبي، وما يترتب عليه من اتخاذ أحكام سابقة، ولذا فإن كل تلك الأسباب حتمًا ستؤدّي إلى نتيجة واحدة وهي العدوانية بكل مظاهرها وأشكالها وصورها.
العلاقات المهنية تُبنى على التفاعل
وأشار د. الوايلي إلى أن العلاقات المهنية لا بدّ أن تُبنى على التفاعل الإيجابي من ناحية الالتفاف الكلي من قبل الجميع حول بعضهم، أي الانطلاق من الكل إلى الجزء، وهذا يعني الابتعاد عن الأنانية المركزية والعمل على خلق مناخ عملي نشط وفعال محفز لبيئة العمل، وهذا الأمر حتمًا يساعد على النماء والتطور والنجاح والإنجاز الجماعي، فالمسؤولية هنا جماعية من خلال تبادل المعرفة والخبرات بالتعاون والمسايرة والمساندة لتكوين عمل جماعي راقٍ ومتحضر يجسد روح الفريق الواحد، وينشد النجاح المؤسساتي سواءً للأفراد أو للمنظومة.
تابع: ولا بدّ من التأكيد على أن الاستمتاع بالعمل بما فيه من مهام وظيفية يعتبر عاملًا مساعدًا على الرقي المزاجي الذاتي والجماعي، إذ يؤدي إلى تقبل الزملاء والاستماع لهم والاستفادة من خبراتهم، ومن ثم وضع آلية جيدة من الاتصال الفعال والإيجابي بينهم وبين الإدارة المسؤولة أيضًا.
اختصاصي نفسي: إدمان التفكير والاضطرابات النفسية متلازمان https://t.co/oVbFMB6kPH— صحيفة اليوم (@alyaum) December 21, 2022
خروج العلاقات المهنية عن الإطار
وبيَّن د. الوايلي: لماذا تخرج العلاقات المهنية عن الإطار أحيانًا، وتصبح بين الزملاء صعبة ومتذبذبة، إذ إنه من الطبيعي ومن البديهي أيضًا أن العلاقات المهنية متأرجحة، وتتعرض إلى تقلبات مزاجية مختلفة بسبب الأحداث والمواقف وما تنتجه من أزمات وضغوط وانفعالات مؤثرة يتأثر بها الفرد ويؤثر على غيره.
وأضاف: واستنادًا إلى ما سبق فإن (ليونارد سيلز) قد حدد صعوبة العلاقة المهنية الجانبية في عدة نقاط منها: أن التواصل الخارجي مهم ولكنه يجب أن يكون محدودًا ومقننًا ضمن إطار العمل فقط، وأنه يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في التواصل الداخلي في بيئة العمل من ناحية الاهتمام والتفاهم والقيم المشتركة.
وختتم بالقول إن زيادة التفاعل بين الزملاء تؤدي إلى عدم انتظام الاتصال فيما بينهم ومن ثم تطوير أساليب تواصلهم مع بعضهم خارجيًّا، إضافة إلى أن عدم الاستقرار النفسي في التواصل الخارجي يؤثر في التواصل الداخلي في بيئة العمل حتى في الأمور اليسيرة والسهلة.