جزء من حديث الناس، ومن حديث المجالس في الفترة الأخيرة ما يطرح في بثوث رواد وسائل التواصل الاجتماعي، والمقصود الخاصية التي أصبحت متاحة للناس، أي للمستخدمين العاديين لتلك الوسائل في أن ينشئ أحدهم بثا يعني عرض مادة مباشرة يتلقاها عشرات وربما مئات الناس في كل أرجاء المعمورة.
البثوث الشخصية أثارت موجة من الحديث والاهتمام لدى الناس بحسب المحتوى الذي يطرحه أصحاب تلك البثوث، ونعرف جميعاً أن امتلاك جهاز ذكي خليوي كاف لإنشاء بث، بغض النظر عن مضمونه ومحتواه، هذا إذا ما سلمنا بأنه بث مفيد في الإجمال من عدمه.
البثوث التي جعلت الناس تناقش هذا الأمر في مجالسهم الخاصة تدور في الغالب حول طبيعة المحتوى الذي يقدمه من يقومون بعملية البثوث، وطبيعة المحتوى يتأثر في الغالب بتوجه الأشخاص، ومستوياتهم العلمية، والثقافية، وبفئاتهم العمرية، وبمرجعياتهم الأخلاقية. من إطلالة سريعة على عالم البثوث في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي المشهور منها، والمغمور، نجد أن الغالبية وبحسب آراء أكثر من شخص لا يقدمون شيئا يمكن الإمساك به وتحديده، وتحديد ما إذا كان ذلك المحتوى مفيدا، أم ضارا؟
القصة باختصار كما سمعت أحدهم يرويها في أحد المجالس التي تناولت الموضوع هي وسيلة لقضاء وقت في الكلام في أي شيء بصورة تقترب من العبثية والتهريج. البعض رأى أن هذه الظاهرة كشفت لنا عن حالة من العزلة التي يعيشها البعض خاصة صغار السن، وقليلي الخبرة في الحياة، وأصحاب التعليم المتوسط، حيث يبثون لساعات طويلة ويفتون، أو البعض منهم على الأقل، في قضايا تفوق قدرتهم على الطرح وإدارة الحوار وخلق المعالجات. فضلا عن افتقارهم للأساسيات العلمية والشرعية فيما يقترفونه من فتاوى، وآراء.
في أحد المجالس استمعت إلى رأي شخص قال: إن هذه موجة وموجة عالمية ليست لدينا فقط، ومن المفترض ألا تخلق هذا الجدل بين الناس، لأنه يرى ببساطة أن من ينتقدون هذه البثوث ويعددون سلبياتها يقومون بذات العمل ويقضون ساعات طويلة في أحاديث بدون طائل. وأضاف إن البث السلبي أو غير المفيد أو الذي يضيع وقت الناس ويبدد طاقاتهم ويزودهم بمعلومات مغلوطة ليس هو المسئول عن تخريب الناس، المسئول هو من يأتي إلى مثل هذه اللقاءات ويصبح متلقيا سلبيا لما يطرح فيها من أفكار ضارة. وكأن الرجل يقول البث السيئ سيتوارى إذا لم يجد من يدعمه بالحضور وبالدعم المادي كما في بعض التطبيقات التي تخصص هدايات مالية يمكن أن يقدمها زوار البث لصاحب المنصة.
البعض ذهب إلى أبعد من ذلك وتمنى أن يكون هناك دور تنظيمي للجهات الرسمية، أو فرض رسوم، أو حتى اشتراطات عادية مثل الإفصاح عن الاسم الحقيقي لصاحب البث. ورأى البعض الآخر منع هذه الخاصية من قبل الجهات المختصة إذا كان ذلك ممكناً فنياً، وتقنياً، على غرار عدم تفعيل خاصية الاتصال الصوتي في تطبيق الواتس آب الشهير.
الذي يمكن تأكيده أن ظاهرة البثوث أصبحت جزءا من استخدام تقنية الهواتف الذكية التي أصبح بمقدور كل شخص تقريباً اقتناءها، وموضوع البثوث قد يكون موضة الفترة الحالية، وإلى متى سيستمر لا أحد يعرف، وكيف ستتطور هذه الظاهرة؟ هذا أيضاً في علم الرحمن. المفيد أن كل شخص مسئول أمام ربه وضميره وأخلاقه عن المحتوى الذي يطل به على الناس.