كان الشخص المتبّحّر في المباني القديمة وعيوبها وكيفية اتّقاء سقوطها وانهيارها يسمّى:
- راعي نظر.
- من أهل الصنف.
- راعي الخبرة.
وربما تعارف أهلنا في القدم على مفردات أخرى، لكنني أجدها تتمركز أو تدور حول مفردة «مستشار» المعاصرة.
وأعتقد أن كلمة مستشار مفردة مستحدثة في العربية، إذ لم تكن مسموعة في العهود الماضية.
وحبَّذ العقلاء المشورة في شؤون كثيرة، عامة وخاصة. وكثُرت الأمثال والحكايات والطرائف عن المستشار والمستشارين.
- نصف رأيك مع رفيقك.
هذا مَثل شعبي. مع أنني أراه غير دقيق. ومثل آخر يقول: المشورة عين الهداية. وبيت شعر فصيح يقول:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستشر.
برأي نصيح أو نصيحة حازمِ.
وقول آخر: المشورة لقاح العقول
كل هذه الأقوال في صالح المستشارين أو المكاتب الاستشارية، وحتى الطب فالاستشاري هو غير الطبيب العادي، وأجرته أكثر.
إلا أنها تحوّلت في زمننا إلى مستشار ثابت الوظيفة يتقاضى راتبا شهريا سميناً. كما في المصارف أو شركات الإعمار، فالأخيرة تُعلن في الصحافة أن مستشارها هو فلان الفلاني، وهذا الإعلان إشهار له إضافة إلى ما يتقاضاه من راتب كامل الدسم ومكافأة سنوية.
النوع الآخر من المستشارين هم الذين يأخذون مكافآتهم بالقطعة. وهؤلاء مطلوبون عند عامة الناس وأهل المشاريع الصغيرة. وبعض الأحيان يسرقون الفكرة من عملائهم ويسوّقونها إلى من يحتاجها لقاء «أتعاب مشورة».
وكانت كلمة المستشار إبان الاستعمار البريطاني لبعض أجزاء الوطن العربي صفة بغيضة ولا يستسيغها الوطنيون ؛ حيث كان الإنجليز يُعينون «مستشارا» في كل وزارة، وهو حاكم فعلي في الخفاء.
قال الشاعر العراقي الشبيبي واصفا وزيرا يسيّرهُ مستشار بريطاني:
المستشار هو الذي شرب الطلى.
فعلامَ يا هذا الوزير تعربدُ.
حتى الغربيون صاروا يطلقون النكات على المستشار. وأوجدوا كليات ودورات في جامعات مرموقة تخرّج فقط مستشارين.