وددتُ وصديقة لي تجربة مطعم افتُتح حديثًا، وتناول وجبة الغداء فيه. توجَّهنا له ودخلنا، وإذا بالنادل الذي استقبلنا روبوت!
لم أستطع أنا وصديقتي إخفاء تعابير الدهشة عن وجهَينا. حيَّانا بكل أدب، وعرَّفنا عن نفسه، حيث قال: «اسمي سالم، أنا النادل المسؤول عن خدمتكم»، ثم سألنا عن عدد الأشخاص فأخبرناه بأننا نريد طاولة لشخصين. أرشدنا لطاولتنا، وأخبرنا بأننا نستطيع تصفح قائمة الطعام عن طريق مسح الباركود الموجود على الطاولة، ثم ضغط الزر الموجود عليها أيضًا، إذا أصبحنا مستعدين لطلب الطعام، وغادر.
في الحقيقة، لقد احتجنا بعض الوقت لنمتص الصدمة. تصفّحنا قائمة الطعام وأصبحنا مستعدين للطلب. ضغطنا الزر، وما هي إلا ثانية وإذا بسالم أمامنا. أخذ الطلب، وانتظرنا بعض الوقت، وإذا بسالم يعود ليقدم لنا الطعام.
تكرَّر ذهابي لذلك المطعم، على الرغم من عدم تميُّز الطعام فيه، فقط لأرى سالمًا وأراقب تصرُّفاته. في المرات التالية، أصبحت زبونة معروفة لدى سالم، لذلك أصبح يرحِّب بي بحرارة ويأخذني لنفس الطاولة التي أحب الجلوس عليها، إذا كانت شاغرة، ويسألني إذا كنتُ أود أن آكل نفس الطعام الذي أطلبه في العادة. وفي آخر مرة، أحضر لي قطعة كعك هدية!
في السنين الماضية، دأب الناس على التحذير من التلوث البيئي وتأثيره على طبقة الأوزون، والاحتباس الحراري، والتضخم السكاني وشح الماء والغذاء، أو وقوع حرب نووية. أما الآن فأصبحنا نتحدث عن تطور تكنولوجي هائل. هواتف، تليفزيونات، مصانع، منازل، حافلات وسيارات ذكية سهَّلت حياتنا، لكنني لا أنفك أتخيَّل احتمالية هيمنتها وسيطرتها على العالم. أُطلق مصطلح «تكنوفوبيا» على ذلك الخوف، أي رهاب التكنولوجيا، أو الخوف اللا منطقي منها.
عندما شاهدتُ فيلم Terminator في طفولتي للممثل الرائع أرنولد شوارزنيجر، تملّكني الرعب كثيرًا، ولم أكن أعتقد للحظة أن تمر تلك السنين سريعًا، ويتم اختراع الإنسان الآلي ذي الذكاء الاصطناعي، ناهيك عن أن أعيش تجربة التعامل معه شخصيًّا.
يُطلق الذكاء الاصطناعي على القدرة التي تستطيع الآلة الصماء اكتسابها بعد تغذيتها بالعمليات الحسابية المعقدة والخوارزميات التي تجعلها تتصرف كالبشر العاقل المدرك لما حوله، ولتحاكي قدرات البشر العقلية للقيام ببعض المهام كحل مشكلة أو تحليل مجموعة من البيانات والاستنتاج، والتفاعل مع البشر.
يتوقع لتلك الآلات أن تغزو حياة البشر، وتدخل في جميع المجالات، سواء صناعية، طبية، زراعية أو تعليمية.
مسألة فقدان الكثيرين وظائفهم، خصوصًا المنتمين للطبقة الكادحة، وإحلال تلك الآلات مكانهم هي مشكلة قادمة لا محالة. ولنا أن نتخيَّل ما يمكن أن يحدث لو أُدخل التحيّز والعنصرية في خوارزميات صنع القرار.
إضافة لذلك، بدأنا مؤخرًا نسمع الكثير عن محاولات لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب أيضًا، وكأن الحروب بشرّها ليست كافية حتى تصبح آلة بدون مشاعر أو ضمير هي المسؤولة عن القذائف، والدبابات والصواريخ.