بعيدًا عن التغيُّر المناخي الذي شملنا نحن كبقية دول العالم، حتى صار مشكلة تسعى الأمم المتحدة لحلها بطرق متنوعة، وتحرص حكوماتنا بمشاركتها الحلول، فإن إحدى مزايا بلداننا التي لم تكن في السابق تُعدُّ مزايا، أننا بلدان صحراوية ذات طقس حار، وفصل الصيف فيها هو الأطول، ذلك لأن فصل الشتاء مكلف للغاية، وأنه مكلف على مستوى الفرد والحكومة، ومستوى العالم، وقد يتسبب في أزمة اقتصادية حقيقية.
بطبيعة الحال يحتاج فصل الشتاء على مستوى الأفراد لميزانية منفردة، فبالإضافة إلى اللباس الشتوي المكلف، فهناك إصلاحات وصيانة للبُنى التحتية للبيت يحرص عليها دوريًّا، كالماء الحار والتدفئة وإصلاح الأسطح والمنازل لتجنب المطر والبرد والعواصف، وكل تلك الأمور تلزمها ميزانية سنوية ذات كلفة ليست منخفضة بالتأكيد، في حين تتكبَّد حكوماتنا بالذات مَن لديها خطط الطوارئ أو الخطط التنموية أو خطط إصلاحات أو خطط بُنى تحتية، واستثماراتها تتكبَّد الكثير لإصلاح ما يسببه الشتاء من فساد في الشوارع والبيوت بتساقط المطر أو العواصف والرياح بالذات مع التغيير المناخي، وعليه لابد لها من تبنّي خطط بعيدة المدى يؤخذ فيها بهذا التغيّر في الطقس على المستويَين المتوسط والطويل، بدلًا من خطط الطوارئ التي عادة لا تنجح كما ينبغي لها بالذات في الأحياء القديمة.
خسائر الشتاء لا تقتصر على التكلفة والمباني والشوارع، إنها قد تؤدي إلى خسائر في الأرواح نتيجة إهمال معيّن من الفرد نفسه أو من الحكومة بالذات فيما يخص الكهرباء، وغيرها من الحوادث الطبيعية في هذا الفصل.
وعلى الرغم مما نشعر بأننا نعانيه في فصل الشتاء القصير والمكلف، فإن الدول الباردة أكثر معاناة منا، وهذه هي الميزة التي خصَّنا الله بها، فتلك الدول بالذات الأوروبية هي على مشارف أزمة بسبب فصل الشتاء السيئ الذي يكلفهم الكثير في الأرواح والأموال، سواء على مستوى شخصي أو حكومي، وهذا العام جاء الشعور بالأزمة مبكرًا جدًّا نتيجة الحرب الدائرة والعقوبات على روسيا المورد الأساسي للطاقة والدفء لديهم؛ مما تسبب لهم في أزمة طاقة أدت إلى أزمة تضخّم ما برحت وهي تتسع إلى الآن، والسبب هو الحرص على أن يتم الاستعداد لفصل الشتاء المكلف جدًّا لديهم.