مثل منتشر بين الناس يقول: «إذا كبر ابنك خاوه»، من هذا المثل انطلق في الحديث مع حضراتكم حول معنى الخوي الشائع بين الناس في ثقافتنا الشعبية. ويبدو أن المقصود هو الصديق القريب أو الإنسان الذي تؤنس الناس صحبته ومعاشرته بالتأكيد وللخصال الجيدة والحميدة التي يتحلى بها. والمثل الذي بدأت به يقول باختصار أو ينصح بأن تكون العلاقة بين الآباء والأبناء في مرحلة متقدمة من عمر الأبناء مرحلة صداقة إلى درجة تقترب من الأخوة، أو الصداقة الحميمة على الإجمال. لكن الثقافة الشعبية واسعة، وتحتوي معاني كثيرة، منها أن الخوي مهنة قديمة يرى البعض أنها كانت تعني مرافقة أمراء المناطق، بمعنى ملازمتهم لتنفيذ أعمال، وواجبات أمنية وأمور تنصرف إلى حل مشاكل الناس، والعناية بأمنهم، وسلامتهم. ويؤكد البعض أن مهنة خوي موجودة في جهاز الخدمة الحكومي إلى اليوم، وأن الأخوياء موجودون اليوم في هذه الوظائف الرسمية. البعض يفصل لنشوء هذه المهنة بأنها قديمة، ومهامها كثيرة، ومع التطور الإداري والتنظيمي في البلاد في الخمسين سنة الماضية، تقاسمت عدة أجهزة أمنية وخدمية مهام وظيفة الخوي، مثل بروز أقسام الشرطة وحرس الحدود، وغيرها من أجهزة الضبط الاجتماعي. هناك إشارة أكدها لي البعض تتعلق بأن الأخوياء لم يكونوا درجة واحدة، خاصة عندما يكونون مساعدين ومستشارين للمسؤول في نظام إمارات المناطق سابقا، بمعنى أن هناك خوي ربما لكل مهمة، مثل أن يختص أحدهم كمستشار ومساعد للمسؤول بقدرته على حل النزاعات القبلية، أو إصلاح ذات البين بين التجار وأهل العقار، أو أن يكون عارفاً بالعادات والأصول القبلية العامة التي تحمي حقوق الآخرين، حتى وإن كانت تلك الحدود في أراضي بعض دول الجوار، وهناك منهم ذوو قدرة على مطاردة واصطياد أهل التهريب، أو من يقومون بإدخال مواد ضارة للناس. يقول البعض إن مهنة الخوي اليوم الرسمية بقيت بروتكولية وفلكلورية في مناسبات الاستقبال والاستعراضات وفي المناسبات والأعياد واللقاءات الكبيرة. البعض يرى أن هناك مهنة خوي قد تسمى قطاعا خاصا وتشير لمن يعمل بمهنة مرافق شخصي للأثرياء وأصحاب الوجاهة الاجتماعية، وهذه النوعية من الأخوياء تعتمد على عدة أمور يقدمونها لمن يعملون معه، في غالبها أنهم يقومون ببعض الأدوار التي لا يمكن للثري أو الوجيه القيام بها، كإفهام ضيف ما أن ليس من المستحب حضور المجلس، أو الطلب منه بطريقة خاصة عدم إزعاج الضيوف والمضيف. وبرغم كل هذه التفصيلات حول الأخوة كمهنة تبقى في إطارها المحمل بالصداقة ومعانيها الأقرب إلى قلوب الناس.