ربما أغلبنا يتذكر بداياته في أمر ما، أو مهارة ما، وغالبا تكون البدايات صعبة، وأصعب منها التفكير أحيانا في الإقدام على خوض تجربة، بدأت بهذه المقدمة عندما سألني البعض عن الطريقة أو الصدفة، والمناسبة التي أصبحت فيها أكتب مقالات مستوفية أدنى حدود ما يمكن أن يسمى بمقال، وصالحة للنشر في مطبوعة لها تاريخها، واسمها العريق. البداية عندي كما هي عند غيري في الغالب صعبة من حيث الإقدام عليها لأول مرة، وهناك تهيب يصيب الكثير من الناس عند التفكير، مجرد التفكير في القيام بأعمال جديدة مثل الكتابة، لأن الذهن في الغالب يكبر للشخص الذي يهم بخوض غمار التجربة مسألة أن عمله ذاك سيقدم للناس وأن الناس بالمعنى العام والواسع سيبدون مواطن الضعف ومراكز الخلل في عمله. وهذه خطوة أو حتى صورة تخيلية قد لا تحدث في الواقع ولكنها تجعل من بعض الأمور عملا صعبا إن لم نقل مستحيلا. ومن تجربة عملية دامت لأكثر من عقد من الزمن أقول بأن المهارات التي هي في طابعها العام مهارات يمكن تعلمها أي أنها حرفية وتحتاج فقط للتدريب والمران وبعض الجراءة مثل كتابة المقالات على اختلاف أنواعها، أرى أن الصعوبة التي تصاحب البداية تزول مع الوقت ويمتلك المرء أحيانا بدون أن يشعر مهارة القدرة على الكتابة في كل شيء مجرد أن يمتلك أدوات الكتابة، والأفكار التي تجعله قادرا على التعبير عن تلك المهنية، أو الحرفية. ولكن أين تذهب الصعوبة التي تحاصر البعض في البداية؟ هنا أعتقد أن المهنية واحتراف الكتابة أو غيرها من الأنشطة الحياتية تذيب من صعوبات البداية حتى تختفي تقريبا، وتصبح من الماضي، بمعنى أنها قد ترتبط بالبداية والخطوات الأولى لبعض الوقت، وتزول تدريجيا كلما حل محل تلك الصعوبات ما يمكن أن نسميه الثقة بالنفس، وأهم منها التمكن من الأدوات الضرورية للكتابة وهي في حالة كتابة المقالات الشكل النموذجي الذي يجب أن يكون عليه المقال، أي مقال أي التقسيم التقليدي وعرض الأفكار مرتبة في كل مرحلة ثم الخروج بنظرة، أو رؤية ناصحة، أو موجهة، أو حتى ناقدة المهم أن نقدم لمن يقرأ خلاصة ما. لكن الصعوبة التي قلنا إنها تصاحب البداية لا تختفي بشكل كلي في مراحل لاحقة في تجربة الكتابة إجمالا، وفي تجربة الكتابة المهنية، أو الحرفية التي يمكن تعلمها، والبروز فيها حتى وإن لم يك لدى الكاتب موهبة كبيرة. أقصد بذلك حبسة الأفكار أي قدرة الكاتب على إيجاد بذور أساسية ينطلق منها لكتابة مقال على سبيل المثال، هذه الحالة تصنف على أنها حالة من حالات صعوبة الكتابة المتأخرة التي تصيب أحيانا من لديهم درجة مقبولة من احترافية الكتابة، ولأن هذه الحالة يواجهها كتاب مقالات، وروايات، وقصص، وأحيانا في منتصف الطريق، أول العمل، فلها أساليب ونصائح وأدوات تمكن من يصاب بها في تجنبها، والتقليل من آثارها السلبية على مشاريعه الكتابية. وفي الختام نقول هناك أمور تصاحبها الصعوبة في البداية وأحيانا في مراحل متقدمة مثل الكتابة.