يُجري وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مطلع شهر فبراير المقبل، زيارة للصين تم الاتفاق عليها خلال اجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس الصيني شي جين بينج في بالي بإندونيسيا في نوفمبر الماضي.
وتهدف الزيارة إلى متابعة التفاهمات التي تردد أنه تم التوصل إليها في بالي، خاصة الاتفاق- كما وصفه البيان الرسمي للبيت الأبيض عن القمة- على " الحفاظ على الاتصال وتعميق الجهود البناءة" بشأن مجموعة من القضايا الثنائية والعالمية.
مجموعة عمل مشتركة
وتعهد الرئيسان بمواصلة مثل هذه الجهود من خلال "مجموعة عمل مشتركة" كما بحثا أيضًا "أهمية تطوير المبادىء التي من شأنها تعزيز هذه الأهداف"، وإتاحة الفرصة لواشنطن وبكين لإدارة التنافس بينهما بمسؤولية.
ووفقا للبيان الصيني عن اجتماع بالي، سوف "يتخذ الجانبان إجراءات ملموسة لإعادة مسار العلاقات الأمريكية الصينية إلى مسار التنمية المستمرة".
بايدن: خطوط الاتصال مع #الصين ستبقى مفتوحة https://t.co/rwUubPoOHo pic.twitter.com/Wc5zlxlKX8— صحيفة اليوم (@alyaum) November 13,2022
لا إجراءات ملموسة في سبيل دعم العلاقات الأمريكية الصينية
يرى الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي الدكتور بول هير، وهو زميل متميز في مركز ناشونال انتريست وزميل أول غير مقيم في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، أنه لم يشهد الشهران الماضيان، منذ قمة بالي أي دليل كاف على اتخاذ" إجراءات ملموسة" أو بذل" جهود بناءة" في ذلك الاتجاه.
وبين أنه لم يُحرز أي تقدم سواءً بالنسبة لتشكيل مجموعة عمل مشتركة أو تحقيق تقدم في تطوير مبادىء توجيه العلاقات الثنائية.
ويضيف "هير"، الذي عمل محللا في وكالة المخابرات المركزية طوال 30 عامًا، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية "كانت هناك اجتماعات ثنائية إضافية على مستوى عال: فقد اجتمع وزير الدفاع لويد أوستن مع نظيره الصيني في كمبوديا بعد وقت قصير من قمة بالي، ".
وتابع" توجه دان كريتنبرينك مساعد وزير الخارجية ولورا روزنبرج مديرة الشؤون الصينية بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إلى بكين في ديسمبر الماضي لبحث ترتيبات زيارة بلينكن المقبلة.
إدارة التنافس بمسؤولية
كما اجتمعت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين مع نائب رئيس الوزراء الصيني "ليو هي" في زيورخ في 18 من الشهر الحاليّ على هامش المشاركة في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
ويوضح الكاتب والمحلل والأمريكي: رغم ذلك يظل من غير الواضح التقدم الذي تم إحرازه في هذه الاجتماعات، إن كان هناك أي تقدم حقًّا، فالبيانات الأمريكية تشير إلى أن تلك الاجتماعات تناولت إلى حد كبير تبادل بحث النقاط التي من المتوقع مناقشتها في المستقبل.
وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين أكدوا بدرجة كبيرة الحاجة إلى "إدارة التنافس بمسؤولية" و"الإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة"- وهي عبارة بسيطة أصبحت الوصف المعياري للغرض الحالي من التواصل الأمريكي الصيني.
#عاجل#أمريكا و#الصين تتفقان على ضرورة تجنب حرب #نووية في #أوكرانيا https://t.co/5ipqaFUEbK#اليوم pic.twitter.com/0lK5125LO7— صحيفة اليوم (@alyaum) November 14,2022
مسار عدم الثقة والاتهامات المتبادلة بين واشنطن وبكين
يقول "هير"، الحاصل على الدكتوراة في التاريخ الدبلوماسي من جامعة جورج واشنطن: يبدو أن بكين وواشنطن عادا أساسًا إلى مسار عدم الثقة والاتهامات المضادة الذي كان سائدا قبل تولي بايدن منصبه.
ويضيف: واصل الجانبان اتباع سياسات يبدو أنها تهدف إلى التنافس والمواجهة أكثر من اتباع طرق للتعاون. ويبدو أن هذا كان واضحاً حتى في بالي، عندما أكد بايدن أن لولايات المتحدة ستواصل التنافس بقوة مع جمهورية الصين الشعبية، بما في ذلك الاستثمار في مصادر القوة في الداخل وتوحيد الجهود مع الحلفاء والشركاء في أنحاء العالم.
وقد أكد كريتنبارك وروزنبرج هذه الرسالة الأساسية في بكين قبل الانتقال إلى" التعرف على السبل المحتملة للتعاون الذي تتداخل فيه المصالح الأمريكية الصينية".
ومؤخرًا، أكد منسق السياسة الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادىء كيرت كامبل علانية في 12 من الشهر الجاري أن " التنافس سوف يستمر كسمة مهيمنة على العلاقات الأمريكية الصينية ".
#الصين تطالب #أمريكا بالتوقف عن "التنمر" وكبح تقدمها https://t.co/vIHAgT2YXV#اليوم— صحيفة اليوم (@alyaum) December 23,2022
استراتيجية احتواء اقتصادية وتكنولوجية تجاه الصين
يوضح هير أن لدى بكين أسبابها، وراء تبني وضع يتسم بالمواجهة إزاء الولايات المتحدة، بما في ذلك اعتقادها المتزايد - الذي تدعمه الأدلة الأخيرة- بأن الولايات المتحدة تتبع استراتيجية احتواء تجاه الصين تتعلق بالاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، في الوقت الذي تتراجع فيه عن التزامها بمبدأ" صين واحدة" تجاه تايوان.
وردًا على ذلك، من الواضح أن بكين تتبع سياسة واسعة النطاق لتعظيم ثروتها، وقوتها ونفوذها في العالم، بالنسبة للولايات المتحدة، بينما تؤكد أنها سوف تدافع بالقوة عن موقفها بالنسبة لتايوان.
وربما هناك تشدد أيضا من جانب القادة الصينيين لأنهم يواجهون غموضًا وضعفًا داخليًّا في أعقاب تخلي بكين مؤخرا عن استراتيجية " صفر- كوفيد".
وهناك أيضًا أسباب متعددة وراء إبطاء واشنطن فيما يتعلق بالتواصل الملموس والبناء مع بكين.
فمن المؤكد أن إدارة بايدن مترددة في التعرض لأخطار سياسية داخلية إذا ما بدت متساهلة مع الصين التي تعتبر دولة سلطوية، في ضوء توازن القوة السياسية الحساس في واشنطن.
وفي الظروف الراهنة سوف يتم بسهولة وصف أي شيء يبدو أنه " تواصل" بأنه استرضاء للصين وسوف يتعرض للاستنكار.
#الصين: #أمريكا ترسل "إشارات خاطئة وخطيرة جدا" بشأن #تايوانhttps://t.co/gcFhyts3PA#اليوم pic.twitter.com/6wYqZAtvJD— صحيفة اليوم (@alyaum) September 24,2022
توقعات متدنية لتحقيق تقدم بين أمريكا والصين
ويختتم هير تقريره بأن هذه الظروف ومواقف الولايات المتحدة والصين تشير إلى أن هناك توقعات متدنية واحتمالًا محدودًا لتحقيق تقدم مستقبلي ملموس في العلاقات الأمريكية الصينية، على الأقل في المستقبل القريب.
وفي الوقت الحالي، يبدو أن المستقبل سيشهد تباطوءًا في التواصل المتبادل المفيد، والتطوير المتبادل ل" المبادىء" لتأطير العلاقات، وإمكانية رفع سقف التوقعات.