منذ أيام كنتُ في زيارة سريعة للأحساء، قادتني إلى سوق القيصرية، وكان الوقت مساء، وكنتُ أريد استعادة ما يمكن من الصور القديمة التي عشتها وأعرفها. بداية كان شارع القيصرية مقفلًا ببوابات متحركة. المواقف مشغولة بالسيارات ومعها أيضًا إجراءات الوقوف معقدة على أمثالي مع الاحتياج لبيانات تكتبها في جهاز المواقف، معها آثرت أن أبتعد عن السوق فذهبت قريبًا من براحة الخيل كانت المساحة أيضا مشغولة بمواقع لم أعرف ما هي كأني بها مقاه أو مطاعم، هكذا بدت لي، فقلت أقف في (صكة الملا) وهو شارع قريب من (بيت البيعة) من جهة الجنوب. كانت هذه الصكة موقعًا لبعض لقاءاتنا ولعبنا صغارًا. وجدت موقفا مناسبا ووحيدا أمام منزل شيخنا أحمد الدوغان «رحمه الله». لم يبقَ من هذا المنزل إلا أطلاله وبعض البناء، مشيتُ الشارع المؤدي إلى القيصرية، مرورًا بمساجد العبداللطيف والشيوخ والقنبري. بدت لي المساجد وكأنها أعيد بناؤها فاقدة ذلك التميز القديم. مررت بمبنى الإمارة والبيوت المجاورة التي تحولت إلى عمائر أسمنتية. كنت في بداية الثمانينيات أو قبلها صورت بعض البيوت الطينية المهدمة والأبواب الخشبية. لم أجد من تلك الرائحة والصور شيئا وكأني في مكان آخر. دخلت القيصرية فإذا بها نسخة تتشابه فيما يباع وفي جنسية البائعين من الإخوة العرب، وقليل جدا من الأحسائيين. حوَّلت وجهتي إلى الشارع الذي كنتُ أريد معرفة لماذا أقفل، فوجدتُ طاولات وكراسي وأشبه بالمقاهي المتنقلة وموقعا للغناء مع رقص بعض كبار السن، وموقعًا آخر تؤدى فيه مشاهد تمثيلية ذات أداء متواضع وصراخ ممثلين. الناس يتجمهرون حول كل ذلك ولا أعرف هل هم سعداء بما يرون ويسمعون أو كحالي...؟ شابات يلتقطن صورا لنماذج مجسمة لجمال نصبت أمام مدخل شارع الحداديد، وآخرون يصورون أنفسهم. الحقيقة لم تعجبني الحال، فالبرامج لا تقدم بمثل ذلك، وهناك ما يمكن توظيفه في موقع تاريخي له قيمته المادية والمعنوية لدى أبناء الخليج عامة وليس محليا فقط. كما أن هناك مواقع قريبة أخرى يمكن الاستفادة منها لمثل تلك الأفكار بدلًا من شارع القيصرية.
[email protected]