مرَّ كأس العالم 2022 الذي أُقيم في دولة قطر كالحلم الممتع بجميع أحداثه ونشاطاته الجميلة منها والسلبية في بعض الأحيان. وأنا كمتابع للأحداث، أثناء هذه القمة الرياضية، وكل ما أحاط بها من تفاصيل ما زلت أراجع كل ذلك في مخيّلتي، وتصحب تلك الأفكار كثيرًا من مشاعر الإعجاب والانبهار من جمال ودقة التنظيم الذي كان كالعيد الرياضي العالمي بنكهة عربية خليجية أدخلت السرور إلى نفوس كل المتابعين من حول العالم، خاصة في منطقتنا العربية والخليجية، فهذه المرة الأولى التي تقوم دولة عربية مسلمة بتنظيم حدث رياضي بمثل هذه الأهمية.
وقد أنفقت دولة قطر الغالي والنفيس للاستعداد لهذا العُرس الرياضي، حتى ذهبت التقديرات إلى قول إن ما أُنفق كان أكثر مما صُرف على كؤوس العالم الماضية مجتمعة، ليس فقط لبناء مواقع المباريات وما حولها، ولكن على كل الإضافات للبنية التحتية في الدوحة لاستقبال الأعداد الكبيرة من المشجعين والرياضيين، والوفود المشاركة من حول العالم.
وقد حفلت النشاطات بمشاركة الكثير من النجوم بدءًا من حفل الافتتاح، واستمر ذلك خلال أيام دورة كأس العالم، وحتى إطلاق صافرة الحكم النهائية وما بعدها. فتخلل هذا العُرس الرياضي احتفالات منظمة أو غير منظمة من قِبَل الجماهير، وشارك الجمهور السعودي بأعداد كبيرة بكثير من الاستعراضات التي أدخلت البهجة إلى قلوب الكثيرين.
وشرَّفنا المنتخب السعودي بفوزه على حامل كأس العالم، الأرجنتين في التصفيات الأولى، ولو أننا كنا نتمنى تأهّله للدور الثاني، ولكنه شرَّفنا بأداء مميز أحبه الجمهور، وأكمل المنتخب المغربي من بعده إلى نصف النهائي، وكان هو أحد المفاجآت الكبيرة الأخرى في كأس العالم، وكان سببًا لمتابعة الجماهير الرياضية من الوطن العربي بشغف وحماس.
هناك بعض الأحداث المؤسفة التي حصلت لأسباب تغيب عنا وغير متوقعة، مثل تصرّفات الوفد الألماني المخجلة ومحاولة فرض وتسويق أفكار المثليين في دولة مسلمة، ثم الهجوم العنصري الغريب الذي تبع ذلك في وسائل الإعلام الألمانية وعجبي.
فمن بين كل الأمم تصوّرت أن هذه الدولة هي أكثر دولة قد تكون متفهمة لثقافات مختلفة؛ لما مرّت به في ماضيها، ولكن صُدمنا بعودتهم لتاريخهم العنصري المقيت.
وكان هناك الكثير من الضغط السياسي للتسويق لأفكار المثليين أثناء هذا الحدث، ولكن أبهرني حسن تعامل القيادة القطرية مع هذه الضغوط، كما سُررت بالتسويق للثقافة العربية والخليجية وتجلّى ذلك في ظهور النجم العالمي ليونيل ميسي يحمل الكأس ومن ورائه فريقه الفائز، وهو يرتدي البشت الخليجي أمام كل العالم.
كما رأينا الجماهير تتدافع لشراء الزي الخليجي ولبسه، وكانت هناك الكثير من المناظر المسلية والطريفة أحيانًا، ولكن في مجملها ساهمت في نشر الثقافة العربية والخليجية من حول العالم.
فهل كانت استضافة كأس العالم تستحق كل هذا العناء والأموال التي صُرفت؟ أترك الرأي لكم، وسنرى تأثير ذلك على الثقافة العالمية والأحداث في السنوات المقبلة.
ويحضرني تداول الإعلام أخبارًا مفادها أن المملكة العربية السعودية تدرس التقدم بطلب لاستضافة كأس العالم! عسى أن يكون كأس العالم في الخليج مقدّمة لأحداث سعيدة ومفرحة في منطقتنا خلال الأعوام القادمة.
@almaiahmad2