منذ أن بدأ الإنسان معيشته على الأرض وهو في سعي مستمر لإطالة فترة وجوده على قيد الحياة، وإيجاد سر الشباب الأبدي، وعلى امتداد التاريخ الإنساني لم تكف المحاولات البشرية لاكتشاف علاج للشيخوخة وإطالة العمر.
وبينما نجد في الأساطير القديمة مغامرات لأبطال خاضوا خلالها غمار الصعاب، بحثًا عن سر الحياة الأبدي أو حتى علاج الشيخوخة، فإن العلم الحديث يدأب على تجاربه للوصول إلى حل فعليّ يمكن تطبيقه لكفاح الهِرَم.
وبالفعل توصَّلت أبحاث علمية إلى إيجاد حل مبدئي لتلك المشكلة التي تؤرق البشر، والتي تنذر بعصر جديد يطول فيه بقاء الإنسان.
تجارب ناجحة لعلاج الشيخوخة
الفترة الماضية، استطاع علماء بجامعة هارفارد عكس الشيخوخة في تجاربهم على الفئران، ما منح الحيوانات القدرة على العودة لشبابهم مرة أخرى وحتى تجديد خلايا الأعضاء التالفة لديهم، بحسب ما تورده شبكة سي إن إن.
واعتمد الباحثون في جامعة هارفارد على حقن الفئران بالبروتين المسؤول عن تجديد الشباب، والتي توصلوا إليه بعد عشرين عامًا من البحث والتجربة.
ويأمل الفريق البحثي التوصل إلى تطبيق تلك التقنية على البشر، لاستخدامها علاجًا يُشفي من جميع الأمراض المعروفة، بتجديد الخلايا المريضة وإرجاعها لحالتها الأولى قبل الإصابة بالمرض.
يقول ديفيد سينكلير، عالم الأحياء الجزيئية بكلية الطب جامعة هارفارد والمسؤول عن تطوير علاج الشيخوخة، إنهم يأملون في الوصول إلى المرحلة التي يجري التعامل فيها مع الشيخوخة كمرض عادي يُعالَج منه البشر كما يعالجون من غيره.
هل تنجح تجارب علاج الشيخوخة على البشر؟
يختلف التركيب الجيني بين البشر والفئران بقدر ما، وهو ما يثير تساؤلًا بخصوص إمكانية نجاح تجارب علاج الشيخوخة على البشر بعدما أثبتت نجاعتها في الفئران.
وبحسب ما يصرح به ديفيد سينكلير فإن السنوات القادمة ستبين مدى إمكانية تطبيق التجربة على البشر والاستفادة من نتائجها بين بني الإنسان.
من المتوقع أن تبدأ تجارب علاج الشيخوخة على البشر بعد أن يجري التأكد من سلامتها، بمزيد من التطبيق على الحيوانات، ومن ثَم يجري التوسع في تطبيقها في الجنس البشري.
وإن نجحت هذه التجارب فسنكون في انتظار حصول موافقة العلاج الجديد من الإدارات الفيدرالية المختصة بإقرار الأدوية في أمريكا ليشهد البشر أول دواء في التاريخ لعلاج الشيخوخة ذي نتائج حقيقية.
مكافحة الشيخوخة استثمار فاشل
خلال العقد الماضي، استثمر مليارديرات عالميون منهم مارك زوكربيرج وجيف بيزوس في أبحاث مكافحة الشيخوخة وإطالة العمر بحسب ما تورده شبكة سي إن بي سي الأمريكية.
لكن يخالفهم في ذلك الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، إذ يرى أنه استثمار فاشل يجلب أضرارًا أكثر مما يخلفه من نفع.
وفق قناعة ماسك فإن عيش البشر فترة أطول من المفترض أن يقضوها على الكوكب يتسبب في حدوث اختناق في المجتمعات، خاصة فيما يتعلق بدورة التجديد التي يجب أن تحدث، في طريقة التعامل مع الكوكب وحل مشكلاته.
وفي حال عاش كل فرد عمرًا أطول فإن هذا يعني حدوث تخلف للبشرية جمعاء، إذ إن العقول نفسها ستظل ممسكة بزمام الأمور بتفكيرها التقليدي.