يعاني - وأنا منهم شخصيًّا - أولياء أمور الأطفال الذين لديهم صعوبات في التعلّم، حيث تختلط المفاهيم وتتشابك الحالات، ويقع الخطأ في التشخيص، وبالتالي تتعقد الأمور على الطفل ووالديه.
إن مشكلتنا الأساسية في عدم وجود مسار محدد وواضح لفهم ما هو التشخيص أولًا، وكيفية حل المشكلة ثانيًا؛ حيث يبدأ الأهالي عند ملاحظة الصعوبة لدى الطفل برحلة بحث هي أشبه بالدوامة المؤذية للطفل وعائلته، بدءًا بتحديد المختص الذي قد يشخِّص بشكل خاطئ، خاصة أنها حالات متشابهة في الأعراض ومختلفة جذريًّا في المسببات.
فمثلًا طفل لديه صعوبات في النطق وتعلّم القراءة والكتابة فقط، رغم أن قدراته العقلية ممتازة كالذكاء والتواصل البصري والإدراك، يجد نفسه في مراكز للتوحد أو متلازمة داون مع أقران تُعدّ حالاتهم أصعب منه بمراحل كيف سيتطور؟!
إن ما يراه ويعيشه هذا الطفل بالمركز أو المدرسة بالتأكيد سينعكس سلبًا عليه، ولن يجد الفائدة التي يرجوها ذووه نظير وجوده في المكان الخطأ، وتعليمه بالشكل الأقل بكثير من قدراته الحقيقية؛ فيتأخر بالفعل في التعلم، وتزداد الأمور تعقيدًا مع تقدّمه في العمر، وهو ضحية التشخيص الخاطئ والتعليم غير المناسب.
ومع تكرار مثل هذه المشاهد مؤخرًا وازدياد أعداد الأطفال ذوي الصعوبات المختلفة، لا توجد جهة واحدة تحمل عبء تشخيصهم بالشكل السليم على أقل تقدير، كما أن حملات التوعية والتوجيه لأولياء أمورهم تكاد تنعدم رغم أهمية هذا الموضوع وحساسيته؛ لارتباطه بشكل مباشر بجودة الحياة التي تضعها القيادة ركيزة أساسية لتنمية مجتمعنا.
ومع وجود المراكز المتخصصة، وهي غالبًا ربحية وتجارية، فإن الموثوقية تتضاءل في التعاملات معها، وعليه نأمل أن نرى قريبًا توجيهات واضحة أو مبادرات من الجهات المختصة في الدولة لجعل نقطة الانطلاق في تشخيص وعلاج هؤلاء الأطفال من مركز حكومي موحّد متخصص بتقارير متابعة دورية، ومن ثم الاتجاه للمراكز أو المدارس المناسبة.