في المملكة العربية السعودية ازدهرت البرامج والمشاريع التنموية بظل الرؤية الوطنية التي حددت ملامح التطوير في ركائزها الثلاث لوطن طموح واقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي.
وعندما نقرأ أو نسمع جملة برامج أو مشاريع تنموية فإنه مباشرة يتبادر إلى ذهننا الارتباط الشرطي بالإنسانية والاستدامة والنمو، من حيث المساهمة في تحسين حياة الناس وجودة حياتهم، وإشراكهم في الإنتاجية، ويتحقق ذلك من خلال تدريبهم وتأهيلهم لاستلام وظائف في المشروع وتشجيعهم على الإبداع والابتكار. ويشترط أن يتصف المشروع التنموي بالديمومة والاستمرارية لذلك يحتاج إلى خطط ورؤى واضحة لكيفية التطوير والتقدم في الأداء بما يضمن لهذه المشاريع البقاء والتنافسية لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز الإنتاجية، وتوليد فرص التوظيف وتقليل البطالة.
صناعة وتخطيط البرامج التنموية ليس بالأمر اليسير لضمانة نموه واستدامته في ظل إطاره الإنساني وتعرضه لتحديات وصعوبات للوصول للأثر المنشود، وفي علم الإدارة ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته كما ذكر بيتر دراكر أبرز علماء الإدارة في العصر الحديث، ما فرض إيجاد آلية لقياس جميع مراحل البرنامج التنموي التي تشمل ما يلي:
1. المرحلة التمهيدية: وهي مرحلة جمع المعلومات والتحليل وتوعية المجتمع بهدف لفت الانتباه إلى الإمكانيات والموارد وأهمية توجيهها وتوظيفها لتحقق النهضة والنمو بمشاركة المواطنين.
2. مرحلة التخطيط: وتستهدف وضع الخطط التي تحقق تطلعات المجتمع في مستقبل أفضل وبمشاركتهم.
3. مرحلة التنفيذ: حين توضع أفكار مرحلة التخطيط موضوع التطبيق والتنفيذ.
4. مرحلة المتابعة: حيث تتم متابعة المشروعات التنموية للتأكد من مدى تحقيق الأهداف ونتائج الأعمال لهذه المشروعات وفق معدلات ومؤشرات للأداء محددة ومتعارف عليها.
وتسمى عملية القياس بالتقييم الذي يقيس مؤشرات محددة حول ما تم التخطيط له في البرنامج ونتائجه، ويرتبط التقييم بعوامل أهمها:
- الكفاءة والتي تعرف بأنها القدرة الاقتصادية على تحويل المدخلات (الأموال والمواد والخبرات والوقت إلخ..) إلى نواتج.
- الفعالية التي تقيس مدى تحقيق المشروع لأغراضه عند الهدف أو المستوى المنشود.
- التأثير الذي يعرف بأنه التغير المقصود أو غير المقصود والذي يحدث بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لنشاط إنمائي.
اكتسى التقييم أهمية ساهمت في تطوره من أجل مراقبة الأداء وتحسينه وتطويره وتطورت مجالات التقييم في استعمالاته ليشمل البرامج التنموية في دورة حياتها من حيث النوع والأهداف والمنهجية والاستعمالات لقياس قيمة وكفاية العمل الاجتماعي والأنماط السلوكية ويهدف من التقييم تحسين العمليات للانتفاع بذلك في العمليات الاجتماعية اللاحقة أو بهدف كشف جوانب القوة والضعف في المشروعات والبرامج الاجتماعية.
التقييم هو من متطلبات الجودة حرصا على ضمان توجيه البرامج المنفذة لدى الجهات والقطاعات المختلفة نحو المساهمة الفعالة في تحقيق المستهدفات الوطنية ولرصد مستهدفات القطاعات وإعادة توجيه أعمالها لتحقيق المستهدفات الوطنية والآثار المتحققة من مشاريعها، ولتجويد التدخلات بما يضمن تحقيق التقدم الدائم نحو مستهدفات القطاعات المختلفة وتمكين اتخاذ الإجراءات التصحيحية بما يسهم في إحداث الأثر التنموي بشكل أكبر وأعمق.
وتتأثر عملية التقييم بجودة البيانات وكفاءة المقيمين وفعاليتهم، كما أن عملية التقييم تتطلب وجود إرادة قيادية وممكنة وملتزمة وتستفيد من بيانات التقييم في عملية صناعة القرار حتى لا يكون التقييم صوريا.
إن ما نراه من حراك حكومي في تحسين الجودة وتعزيز الوعي بأهميتها والتدريب عليها بقطاعات عدة ومنها القطاع التنموي يشير لأثر القرار السياسي في التغيير الذي نلامسه في التحول الوطني وتحقيق مستهدفات الرؤية، والمرحلة المرجوة هي تمكين المقيمين الأكفاء للاستفادة منهم ومن خبراتهم لتحسين نظام التقييم.