دفعت روسيا المدنيين في أوكرانيا للمسارعة إلى الاحتماء من وابل من الصواريخ أطلقته في ساعة الذروة، مما أسفر عن سقوط قتيل واحد على الأقل، في اليوم التالي لحصول كييف على تعهدات غربية بإمدادها بعشرات الدبابات الحديثة لمحاولة صد الغزو الروسي.
جاء رد موسكو غاضبًا على التعهدات الألمانية والأمريكية، مثلما ردَّت من قبل على النجاحات الميدانية الأوكرانية الملحوظة بضربات جوية حرمت الملايين من الإضاءة والتدفئة والمياه.
وقال الجيش الأوكراني إنه أسقط جميع الطائرات المسيرة البالغ عددها 24 التي أرسلتها روسيا الليلة الماضية، بما في ذلك 15 حول العاصمة كييف، كما أسقط 47 من إجمالي 55 صاروخًا روسيًّا.
الاحتماء بمحطات الأرض
ودوت صفارات الإنذار من الغارات الجوية في أنحاء أوكرانيا، بينما كان الناس متوجهين إلى أماكن عملهم. وفي العاصمة، لجأت حشود من الأوكرانيين للاحتماء لبعض الوقت في محطات المترو تحت الأرض.
وقال مسؤولون بمدينة كييف إن شخصًا يبلغ 55 عامًا قتل وأصيب اثنان.
وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال إن محطات الكهرباء أصيبت مع استمرار روسيا في استهداف منشآت الطاقة.
الكرملين: يوجد تصعيد "للضلوع المباشر" للغرب
قال الكرملين إنه يعتبر الوعود الغربية بتوفير الدبابات لأوكرانيا دليلًا على "الضلوع المباشر" المتزايد من جانب الولايات المتحدة وأوروبا في الصراع المستمر منذ 11 شهرًا، وهو ما ينفيه الطرفان.
وقالت (دي.تي.إي.كيه)، أكبر شركة خاصة لإنتاج الطاقة في أوكرانيا، إنها تغلق بصورة استباقية طارئًا لمنشآت الطاقة في كييف والمنطقة المحيطة بها وأيضًا في منطقتي أوديسا ودنيبر وبتروفسك.
وفي أوديسا، وهي ميناء على البحر الأسود أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، أمس الأربعاء، على قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر.
قالت السلطات إن الصواريخ الروسية ألحقت أضرارًا بمنشآت الطاقة، وذلك قبيل وصول وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا.
وكان من المقرر أن تلتقي كولونا نظيرها الأوكراني دميترو كوليبا لبحث المساعدات الإنسانية والعسكرية، وربما أيضًا لبحث ما إذا كانت باريس مستعدة لتزويد كييف بدبابات قتالية من طراز لوكلير بعد خطوات مماثلة من دول أخرى بحلف شمال الأطلسي.
ومن المتوقع أن تشن كل من موسكو وكييف، اللتين تعتمدان حتى الآن على دبابات تي-72 السوفيتية، هجمات برية جديدة في الربيع.
قبضة الحرية
تطالب أوكرانيا بتزويدها بمئات الدبابات الحديثة على أمل استخدامها في اختراق الخطوط الدفاعية الروسية واستعادة الأراضي المحتلة في الجنوب والشرق.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه الليلي عبر الفيديو، أمس الأربعاء، "المهم الآن هو السرعة والأعداد. السرعة في تدريب قواتنا، والسرعة في إمداد أوكرانيا بالدبابات. وأعداد دعم الدبابات".
وأضاف: "علينا أن نشكل ما يشبه "قبضة من الدبابات" لتكون "قبضة الحرية".
وقال زيلينسكي إنه تحدث إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، وطلب صواريخ بعيدة المدى وطائرات.
وقدم حلفاء أوكرانيا بالفعل مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات تضمنت أنظمة صواريخ أمريكية متطورة ساعدت في تحويل دفة الحرب.
وتوخت الولايات المتحدة الحذر حيال نشر دبابات أبرامز، التي يصعب صيانتها، لكنها عدلت عن موقفها وأقنعت ألمانيا بالتعهد بإرسال دباباتها ليوبارد التي يسهل تشغيلها.
وسترسل ألمانيا مبدئيًّا 14 دبابة من مخزونها الخاص وستوافق على إرسال شحنات من دول أوروبية حليفة بهدف تجهيز نحو 100 دبابة.
وقالت إن من المنتظر أن تكون دبابات جاهزة للاستخدام خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، وقالت بريطانيا، اليوم الخميس، إنها تتوقع وصول 14 دبابة تشالنجر منها إلى أوكرانيا خلال شهرين.
لكنّ محللين قالوا إن القادة الأوكرانيين ربما يكونون أقل حذرًا في نشر الدبابات التي يمتلكونها لعلمهم بأن البديل في الطريق.
وقال الخبير العسكري الأوكراني فيكتور كيفليوك إن دبابات ليوبارد هي منظومة يمكن لأي دولة عضو بحلف شمال الأطلسي صيانتها ويمكن تدريب أطقم القيادة والفنيين في آن واحد.
وأضاف "إذا انضممنا لهذا النادي بتزويدنا بتلك المركبات فيمكنني القول إن الآفاق تبدو جيدة".
الدبابات المنتظرة بساحة الحرب الأوكرانية.. كيف تُغير دفة المعارك؟ https://t.co/8isJLD17EW #اليوم pic.twitter.com/fjumykx8l3— صحيفة اليوم (@alyaum) January 26, 2023
القتال في شرق أوكرانيا
منذ غزو أوكرانيا في 24 فبراير من العام الماضي، تغير الخطاب الروسي من التركيز على "القضاء على النازية" و"نزع سلاح" جارتها إلى التصدي لحلف الأطلسي بدعوى أن لديه أهدافًا عدوانية وتوسعية بقيادة الولايات المتحدة.
ونُقل عن نيكولاي باتروشيف، الحليف المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسكرتير مجلس الأمن الروسي، قوله إنه "حتى مع نهاية المرحلة الساخنة من الصراع في أوكرانيا، لن يوقف العالم الأنجلو ساكسوني الحرب بالوكالة ضد روسيا وحلفائها".
وأودى الغزو الروسي بأرواح آلاف المدنيين وشرد الملايين وحول مدنا بأكملها إلى أنقاض، بينما دفع السويد وفنلندا المجاورة لروسيا إلى طلب الانضمام إلى حلف الأطلسي.
وتدور بعض أعنف المعارك حاليا حول باخموت، وهي مدينة في شرق أوكرانيا كان يقطنها 70 ألف شخص قبل الحرب.
وقال الجيش الأوكراني إن روسيا تهاجم "بهدف الاستيلاء على منطقة دونيتسك بأكملها، بغض النظر عن خسائرها".
وقال حاكم دونيتسك المعين من جانب روسيا، أمس الأربعاء، إن وحدات من المقاتلين التابعين لشركة فاجنر الروسية الخاصة تتقدم داخل باخموت، فيما يدور قتال على الأطراف وفي الأحياء التي سيطرت عليها أوكرانيا في الآونة الأخيرة.
لكن معهد دراسات الحرب، وهو مؤسسة لا تهدف للربح مقرها الولايات المتحدة، قال إن الهجمات على باخموت تعطلت، فيما يبدو حيث وجهت روسيا قواتها التقليدية إلى الشمال في محاولة لاستكمال الهيمنة على منطقة لوجانسك الأوكرانية.