قد يصاب العامل بالمرض، ومن القيم الإنسانية ألا يتم تكليفه بالقيام بالعمل في فترة المرض، ولكن المشكلة الأكبر في البعض الآخر والذي يعتبر الإجازة المرضية «عذرا» للتهرب من المسؤوليات والواجبات متى ما شاء وكيفما أراد، مما يؤثر ذلك على صاحب العمل وعلى الإنتاجية بشكل عام، وهذا الوضع يشتكي منه أغلب مسؤولي الموارد البشرية وأصحاب الأعمال.
الحد أو التقليل من غياب الموظفين عن العمل، يشكل تحديًا للجهات والمؤسسات على مستوى العالم، وبناء على ذلك فقد تم استحداث مفهوم عامل برادفورد كنظام لرصد ومراقبة الغياب، وهذا المفهوم تم تطويره من قبل جامعة برادفورد، وفي هذا المقال سأتطرق بشكل أوسع عن أهمية تطبيق هذا المفهوم في سوق العمل بالمملكة بشكل رسمي.
معامل البرادفورد «Bradford Factor» هو عبارة عن نظام يستخدم في حساب نتيجة غياب كل موظف في كل عام (٥٢ أسبوعا)، بمعنى آخر هو مختص في قياس تأثير معدل الإجازات المرضية، وكلما ارتفع معدل غياب الموظف؛ أثر سلبا على المنظمة.
يستخدم هذا المعامل في إدارات الموارد البشرية كوسيلة لقياس حالات التغيب بين الموظفين داخل المنظمة، ولتحديد حالات الغياب القصيرة، أو التي تستدعي الانتباه، ويتوجب معها اتخاذ الإجراءات اللازمة، ومتابعة هذا المعامل في أي منظمة مهم جدا، والأساس منه رفع مستويات الانضباطية بالإضافة لرفع إنتاجية الموظفين، ويعتبر مؤشرا مهما يمنح المسؤول المباشر نظرة عن الموظف ومدى التزامه في مواعيد العمل، ويساعد في الحد من التلاعب بالإجازات المرضية.
من المعادلة يتضح الأثر من الإجازات المرضية لكل موظف، والتي يمكن تقسيمها لعدة مستويات، وفقا للناتج بعد احتساب المعادلة «S2 x D = B»، حيث إن S تشير إلى مجموع حالات الغياب المنفصلة لكل موظف في السنة، وD تشير إلى مجموع أيام الغياب الكلي للموظف في السنة، وB تشير إلى ناتج المعادلة، ومن ثم يتم مقارنة الناتج مع المستويات في المعامل.
ناتج المعامل ينقسم لخمسة مستويات؛ الأول: يشير إلى أنه لا يوجد أثر من الغياب عندما يكون الناتج بين ( ٠ - ١٢٥)، والثاني «مؤشر منخفض» عندما يكون الناتج بين (١٢٦ - ٥٠٠)، والذي يشير إلى أن الموظف لديه إجازات مرضية غير مؤثرة على الإنتاجية ولا يستدعي الأمر اتخاذ أي إجراءات، والثالث «مؤشر متوسط» عندما يكون الناتج بين (٥٠١ - ١٠٠٠)، والذي يشير إلى أن الموظف لديه إجازات مرضية لها تأثير محدود على الإنتاجية ويتطلب الأمر تقديم النصح والإرشاد له، لضمان عدم ارتفاع إجازاته المرضية، والرابع «مؤشر عال» عندما يكون الناتج بين (١٠٠١ - ٢٠٠٠)، والذي يشير إلى أن الموظف لديه إجازات مرضية متزايدة، ولها تأثير ملحوظ على الإنتاجية وتستدعي اتخاذ إجراءات للحد من استغلال الإجازات المرضية، والخامس «مؤشر عال جدا» عندما يكون الناتج أعلى من (٢٠٠٠)، والذي يشير إلى أن الموظف لديه إجازات مرضية كثيرة ولها تأثير عال على الإنتاجية، وتستدعي اتخاذ إجراءات سريعة بشأن الموظف.
في سوق العمل بالمملكة نحتاج لآلية ضبط الإجازات المرضية للعاملين بالقطاع الخاص والحكومي؛ حفظا لحقوق جميع الأطراف، فهناك تساهل لبعض الأطباء في منح الإجازات المرضية، وهذا يعتبر من أنواع الفساد الإداري الذي ينبغي التصدي له ويشكل خطرا على المجتمع، ونحن جميعا مسؤولون عن المحافظة على مجتمعنا من تلك الممارسة غير العادلة، وملزمون بالإبلاغ عن أي مخالفات تتعلق بها، كونها نوعا من أنواع الكذب والتزوير والتدليس.
ختاما؛ من المهم وجود مؤشرات عن الموظفين في منصة قوى؛ حتى لا نظلم الموظفين أو الباحثين عن العمل الملتزمين، وتلك المؤشرات من المهم أن تكون متاحة لأي صاحب عمل قبل إنهاء إجراءات التوظيف لأي مرشح حتى نصل لسوق عمل فعال ومنتج.