هل سمعت عن قاتلي الفرحة؟
تخيل شابا تخرج حديثا من المرحلة الجامعية، فيأتي أصدقاؤه يهنئونه بالنجاح والتفوق، وفي خضم تلك اللحظات السعيدة، يقول أحدهم: «الله يعينك على قعدة البيت، صدقني ما راح تلقى لك وظيفة»!
وفتاة تستعد لزفافها بكل فرحة وحماس، والكل يبارك ويهنئ، إلا تلك المتشائمة تقول لها: «ودعي أيام الوناسة، جايتك أيام سودا، ومسؤوليات تهد البدن»!
هؤلاء المتشائمون غالبا ما يتحاشاهم الناس، وينفرون من الحديث معهم. فهم ينشرون طاقة سلبية في المكان، ويضيقون كل واسع، ويقتلون كل فرحة.
أما المتفائلون الذين يفتحون الأبواب والنوافذ لتدخل معها نسمات الأمل الجميل، ويرون النور آخر النفق، أولئك يبحث عنهم الناس ويفرحون بهم ويأنسون بلقائهم ويستمتعون بحديثهم.
المتفائلون قوم ملأ حسن الظن بالله قلوبهم. فهم حتى في أشد الظروف لا يجزعون ولا يرتبكون. يقتدون بموسى عليه السلام حين قال له أصحابه والبحر من أمامهم وفرعون وجنده يلحقون بهم: «إنا لمدركون» فقال عليه السلام دون تردد: «كلا إن معي ربي سيهدين».
يتمثلون أبيات الإمام الشافعي رحمه الله:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعا وعند الله منها المخرج
وقد سئل رحمه الله يوما، كيف يكون سوء الظن بالله؟ فقال: «ترقب وقوع المصيبة، والخوف من زوال النعمة»..
إن المسافة بين اليأس والأمل هي خطوة تفاؤل فقط. فالتفاؤل كطوق النجاة ينقذ الإنسان من الغرق في بحر الإحباط، حين تتقاذفه أمواج اليأس وتلفه ظلمات الخوف من المستقبل.
والحديث عن التفاؤل ليس جرعات تخديرية، أو تزييفا للواقع في عيون أصحابه، كلا !
إن التفاؤل ليس وهما كما يظنه المتشائمون، بل حقيقة يعيشها الناجحون، يستحث خطاهم لتحقيق أهدافهم. في الحقيقة، التفاؤل لا يغير الواقع، ولكنه يغير طريقة تعاطيك مع واقعك، وصناعة مستقبلك.
وكما يقول الدكتور عبدالله المغلوث: «قد لا يمنحك التفاؤل كل شيء، لكن تأكد أن التشاؤم سيسلب منك أهم شيء، سينتزع منك غريزة الإقبال على الحياة فتموت ببطء، يجعلك مثيرا للشفقة والعطف»..
والإصرار على التفاؤل رغم صعوبة الظروف التي يمر بها الإنسان، هو غاية حسن الظن بالله، وهذا ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الخندق.
وقد يتبادر إلى الذهن سؤال، لماذا أتفاءل بالرغم من سوداوية الواقع؟
- إننا نتفاءل ثقة بالله جل وعلا، بأنه قادر على تغيير الظروف والأحوال متى ما أراد وكيفما شاء، والشواهد كثيرة في الماضي والحاضر.
- نتفاءل حسن ظن بالله، بأنه لطيف رحيم بعباده، يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر.
- نتفاءل لأن التشاؤم لن يغير من الواقع شيئا، بل يغلق جميع أبواب الحلول والفرص أمام عينيك.
- أما التفاؤل فهو أداة ترفعك من واقعك السيئ أو المحبط، لترى فرص الخروج منه بشكل أوضح وأفضل.
إذن فالتفاؤل ليس رفاهية ندعو لها، ولكنه خيارنا المنطقي، مهما ادلهمت الخطوب.
دمتم متفائلين !
@MetebQ