يبذل البعض قصارى جهده ووقته في مهاجمة المرأة السعودية وإظهار أكوام عقده النفسية على سيرتها، ووصل الحال بالبعض إلى جعلها هاجسه الوحيد الذي يقض مضجعه! فتجده يسخر وقته وجهده لانتقاد لباسها مرة، وعملها مرة أخرى، وطلاقها، وسفرها، وظهورها ونجاحها وفشلها إلخ... بتعميم يثير الشفقة على حاله ويبصم على فكره بالتعقيد.
وعلى كل رجل يشغل نفسه بمثل هذه الاهتمامات الخجل فعلًا من تبني أفكار يعلم يقينًا أنها خاطئة ودخيلة، وغير منطقية أو مقنعة، وما هي إلا ترسبات لعقد نفسية لا أكثر، وأوتار يلعب عليها من يريد النيل من استقرار مجتمعنا أو التقليل من شأن مكوناته، ولطالما كان الطريق الأسهل لتحقيق ذلك ازدراء المرأة وجميع ما يتصل بها كمدخل لإيذاء مشاعر المجتمع وتأجيج الرجال من ذوي العقول الصغيرة عليها، فتجدهم يبررون ارتكابهم أي كارثة في هذا الكون بسبب المرأة!
ومؤخرا مع الانفتاح واهتمام الدولة بالعدالة والوسطية وإشراك المرأة كعنصر تكاملي في جميع الأعمال إيمانا بدورها للنهوض بالمجتمع، بدأت تظهر بعض الأصوات الحمقاء التي تحاول زعزعة الثقة بالمرأة من جهة والتشكيك بنواياها من جهة أخرى! كمن يزعم أن نسبة الطلاق ارتفعت بسبب عمل المرأة واستقلالها المادي في اعتراف ضمني بائس بأن الرجولة محدودة بالصرف المادي فقط، وأنه بمجرد توافر هذه المادة لدى الزوجة فإنها ستهرب من عش الزوجية، وهذا كلام مضحك وغير مقبول للعقلاء بتاتا، خاصة الرجال الذين يحترمون ذواتهم ويقدرونها.. حيث إن مفهوم الرجولة لدى الزوجة يجب أن يكون أوسع وأشمل بكثير من مجرد كونه ماكينة صراف آلية، فالرجل حبيب وأخ وصديق وأب وطفل، وبمجرد افتقاد أحد هذه الأدوار ستفضل المرأة الانفصال وإن كان الاستقلال المادي طريقا للانفصال فإنه بالطبع ليس سببا بحد ذاته، بل المحك الذي يجب على الرجل مراجعة نفسه عنده.. ومعرفة أن دوره غير حقيقي ومليء بالأوهام من الأساس، كما يستميت البعض لتبرير سعاره وتحرشاته بلباس المرأة أو خروجها، في اعتراف ضمني أيضا بأن النظرة للرجل محدودة بجسده دون عقله! وهذا أمر مرفوض أيضا وقطعا.. وغيرها من الاتهامات الباطلة ضد المرأة.
إن المرأة عنصر تكاملي مع الرجل، ويجب أن تحظى بكافة التقدير والاحترام والاستقلال لتكون خياراتها من الأساس صحيحة ومنطقية، هي إنسان في النهاية كالرجل، ولا أعتقد أننا سمعنا برجل يطلق لأنه حصل على عمل ودخل مادي جيد، فتوقفوا عن ممارسة الغباء وترويجه ضد النساء.