إن التعرُّف على التحديات المستقبلية في تنمية القدرات البشرية في ضوء برنامج تنمية القدرات البشرية يُعتبر المادة الأساسية ومن أهم أدوات البناء الذي تسير عليه المملكة لتحضير الشباب لسوق العمل المستقبلي المحلي والعالمي، وتعزيز ثقافة العمل لديهم، وتنمية مهارات المواطنين حتى تتحقق الميزة التنافسية التي تعبّر عن وجود موارد بشرية مؤهّلة ومدرَّبة بشكل علمي، وجود تحقق الكفاءة والفاعلية وتبوُّء مراكز تنافسية في الأسواق المحلية والعالمية، وحتى نصل لتجسيد هذه الغایات لا بد من تبنّي تدريب حقيقي وتنمية إدارية، وأخرى بشریة نستطيع من خلالها تخريج جيل من شبابنا له القدرة في الوقوف أمام أهم التحديات الوظيفية والعوائق المهنية، ولن يتسنى لنا ذلك إلا من خلال رفع القدرات، وتحسين المهارات، وزيادة الخبرات؛ لذا جاءت ندوة دور الجامعات في تحقيق مستهدفات تنمية القدرات البشرية، والذي استضافته جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، على هامش الاجتماع الخامس والعشرين للجنة رؤساء ومديري الجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون الخليجي للفترة من ٢٥ - ٢٦ يناير 2023، وذلك للتعريف ببرنامج تنمية القدرات البشرية، وطرح الجهود المبذولة لإعادة تأهيل العاطلين، والتعرف على جهود الجامعات في الابتكار وريادة الأعمال، وتفعيل الشركات مع القطاعات الصناعية والتنموية من أهم التحركات التي قامت بها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لشؤون العمل كخطوةٍ هامة على الطريق تضع تحت أيدينا أهم الرؤى لتحقيق مستهدفات التنمية، والتدريب على المزيد من مهارات المستقبل؛ لضمان خلق الوظائف المناسبة للمواطنين وذلك من خلال إيجاد قطاع تعليمي يدعم احتياج الاقتصاد ورأس المال البشري الذي يُعتبر من أهم الثروات لنهضة المملكة، والوصول بها إلى تحقيق التنمية المستدامة والنهضة في ضوء رؤية المملكة 2030 في واحدة من أهم جوانبها، وهو توفير المزيد من الفرص المستقبلية للوظائف في قطاعات الأعمال المتعددة؛ مما يعمل في نهاية الأمر إلى تعزيز ريادة المملكة وتحقيق الإبداع والابتكار الحالیة والمستقبلية لدى أبنائها، وتكمن أهمية هذه الندوة في جوهرها عملية إنسانية محورها الإنسان الذي يشكل حجر الزاوية فيها؛ لحث المواطن على تبنّي كل ما هو حديث في مجال إدارة الموارد البشرية، وتنمية المعارف وإقرار الإستراتيجية الوطنية للمهارات المستقبلية حتى يمتلك قدرات تمكنه من المنافسة عالميًّا، من خلال تعزيز القيم وتطوير مهارات المستقبل.
إن السعي لشرح وفهم مختلف هذه الاتجاهات الحديثة، وتقدم تأثيراتها المختلفة على التغيير، وتحسين مهارات المستقبل، وتحديد مكانة العنصر البشري بوضع سياسات وبرامج مختلفة تتناسب مع كل الفئات العمرية، والتعليم مدى الحياة، والتطوير والتحديث، ومتابعة كل ما هو جديد في سوق العمل المحلي والعالمي، وإطلاق حملات وطنية للتدريب يعمل على متابعة النمو الوظيفي، ونستطيع أن نلاحظ ارتفاع مؤشراته الإيجابية بواسطة منظومة مؤشرات الإنتاجية، ونرى أن التخطيط الجيد، والدقة في تحديد الأهداف، والبرامج السليمة للتدريب، التنفيذ والتطبيق السلیم للتغيير، المتابعة والرقابة الجيدة تعمل على تحقيق نجاحات تهدف إلى تحسينات جوهرية فائقة، وليست هامشية، وفي نفس الوقت تعمل على إحداث تغييرات جذرية وشاملة في فلسفة وأسلوب العمل للمعرَّضين لفقدان وظائفهم وخلق المزيد من فرص العمل الجديدة للقضاء على البطالة، ولا نستطيع أن نغفل عن دور رأس المال البشري، والذي يلعب دورًا هامًّا في خدمة تنمية القدرات البشرية؛ باعتباره التوجه الدولي نحو العولمة مع ما تتطلبه من تراكم كمّي ونوعي قادر على تطويع العنصر البشري نحو الابتكار والإبداع في كافة المجالات المعرفية، وهذا يتطلب بطبيعة الحال بذل جهود كبيرة، والاهتمام بهذا المجال؛ لتحسين خصائص رأس المال البشري، وجعلها أكثر ملاءمة وانسجامًا مع أي تطوير.
إن مثل تلك البرامج تمثل أهمية كبيرة؛ لأنها تفتح المجال في ظهور الاتجاهات الإدارية الحديثة الخاصة بإدارة الموارد البشرية، والتي من أهمها الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية والتي تعتمد على الربط بين إدارة الموارد البشرية، سياستها وأهدافها والإستراتيجية العامة، وظهور ما يسمى بإدارة المعرفة التي تهتم بتيسير الإنتاج الفكري والإبداعي للعقل البشري، والذي يمثل كنزًا حقيقيًّا يحقق التفوق والتميُّز، فكل هذه الاتجاهات الحديثة إذا تم العمل بها، فإنها حتمًا ستحقق أهدافها الأساسية المتمثلة في الكفاءة والفعالية لمهارات المستقبل، وتحقيق الإنجازات والبقاء والاستمرار في المنافسة، والوصول بالمملكة إلى العالمية، حيث إن هذه الاتجاهات تؤثر على الإبداع والابتكار والتغيير التنظيمي تأثيرًا إيجابيًّا، في حالة تنمية قدرات الإبداع والابتكار، بفضل التدريب، والذي يُعتبر بمثابة نقلة نوعية من التسییر التقليدي إلى التسییر العلمي، الذي يحرص على تنمية القدرات العقلية للمورد البشري، حيث يغيّر، يُبدع ویبتكر.
وخلاصة القول: نستطيع أن نقول إن عمليات التغيّر التي تشهدها المملكة من خلال برامجها المختلفة وندواتها الشارحة لها في الجامعات والمحافل العلمية تأتي في الوقت الراهن؛ لتشهد على اختيار أفضل التدريبات لتحسين مهارات المستقبل؛ مما يعمل على تقدم المملكة وقدرتها على التكيّف مع التغيّرات المستمرة في الظروف المحيطة بها، كما يمكن اعتبارها وسيلة للنجاح في المستقبل، والوصول بأبناء هذا الوطن إلى مكانة مرموقة تضعها في مصاف الدول المتقدمة.
@Ahmedkuwaiti