مع إشراقة الشمس يتجوّل مئات الباحثين عن "الفقع" بأراضي الجوف؛ يحدقون النظر في كل شبر من الأرض يبحثون عن تلك البقعة البارزة المتشققة، فهي دلالة وجود نبات "الفقع" إضافة لبنات الرقوق الذي يستدل به على أراضي منابت الفقع.
يتفقون على مهمة البحث ويختلفون في الهدف، فهذا يبحث عن التجارة وكسب المال بجمع كميات مناسبة للبيع، وذلك يبحث عن المتعة والترفيه بأكله.
وتستمر الرحلة من بزوغ الشمس حتى الحادية عشرة صباحًا، لتتوقف مع الظهيرة، إذ يعدّ هذا الوقت غير مناسب للبحث عن الفقع، وتعود الرحلة من جديد قبل غروب الشمس حيث الوقت مناسب مرة أخرى لظهوره.
ويبحث هواة الفقع عن هذا الفطر البري من خلال حفر الأرض واستخراجه، ليعود المتنزهون في نهاية الرحلة وهم في غاية السرور.
خيمة في الصحراء
تختلف ترتيبات البحث عن الفقع حسب الهدف، فالباحث عن التجارة يضع خيمته في الصحراء ويبيت بها عدة أيام لجمع كميات مناسبة للبيع، أما الباحث عن المتعة فرحلته تكون نهارًا واحدًا ليعود للمدينة بعد أن تسدل خيوط الشمس.
يقول خالد العنزي، الذي يوجد بسوق الفقع، إنه استمرّ ثلاثة أيام في الصحراء لجمع ما يقارب 15 كيلو من الفقع، وتوجّه لسوق المدينة وبعد بيعه سيعود لخيمته للبحث من جديد.
أما محمد الشمري فخرج صباحًا مع عائلته وعاد مساءً وبحوزته مايفوق كيلوين من الفقع.
وأشار أحمد الرويلي إلى أنه يتابع أخبار الطقس منذ بداية الوسم ويحفظ الأراضي التي هطلت عليها الأمطار وقت الموسم، فهي منابت الفقع، وبعد دفء الأجواء وبداية موسمه تبدأ رحلته للبحث عنه.
"الذهب الأسود" أفضل الأنواع
ينتظر عشاق جمع الكمأ في منطقة الجوف موسم الأمطار بفارغ الصبر، فبعده ينمو فطر الكمأ البري الذي يعرف في الجزيرة العربية باسم "الفقع"، ذلك الاسم المحبب لكثيرين ممن يعشقون جمعه وتناوله كوجبة شعبية من موروث منطقة الجوف وعديد من مناطق المملكة.
وذهب بعضهم لتسميته بالذهب الأسود، وهو نوع الخلاسي الذي يعتبر الأفضل بين أنواع الفقع.
مع هطول الأمطار خلال الفترة الماضية، اكتست منطقة الجوف بالخضرة ونمت مختلف النباتات البرية وسط طبيعة الجوف الخلابة وطقسها المعتدل المنعش، لتصبح رحلة الانطلاق لجمع الفقع تقليدًا موروثًا، وفي نفس الوقت ضربًا من الترفيه والترويح عن النفس برفقة المحبين والأصدقاء والعائلة.
"الفقع" فطر بري موسمي ينمو في الصحراء بعد هطول الأمطار ونظرا لطعمه اللذيذ يقبل العديد من الأهالي في منطقة الجوف على جمعه من البر وإعداده كوجبة متميزة وشهية، ويتباين لون الفقع من الأبيض إلى الأسود.
200 ريال سعر الكيلو الواحد
وقال محمد الشمري من أهالي منطقة الجوف إن الفقع ينبت في المنطقة بكميات وافرة وأبرز أنواعه في الجوف "الزبيدي" الذي يتميز بكبر حجمه ولونه الأبيض، والخلاسي الذي يميل لونه للأسود أو الأحمر.
وتتفاوت أسعاره في السوق حسب حجم العرض والطلب، حيث يصل كيلو الفقع هذه الأيام لأكثر من 200 ريال، مؤكدًا أنه يحرص على الخروج للبر في موسم جني الفقع وجمع كمية منه في عادة قديمة ورثها عن أبيه وجده ويأمل أن ينقلها لأبنائه لتبقى تراثا حيا عبر الأجيال والزمن.