كفالة اليتيم حث عليها الشرع، وذكر فضلها في القرآن الكريم، وهي من صور الإخاء في المجتمع، والذي يُعدُّ ركيزة من ركائز الرؤية في التحوُّل الوطني، ومن ذلك قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى)، وقوله (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى)، ووردت أحاديث كثيرة في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه، منها قوله «عليه الصلاة والسلام»: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا.. وأشار بالسبابة والوسطى)، وقوله: (مَن ضم يتيمًا بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة).
المملكة العربية السعودية، ومنذ تأسيسها عنت بكفالة الأيتام، يبدأ ذلك من رعاية القيادة العليا وتوجيهاتها لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، يساهم بذلك أفراد من أصحاب السمو الملكي وأصحاب السمو والمعالي والسعادة، ومؤسسات المجتمع المدني، والمانحين من القطاع الخاص متضافرين في جهودهم لرعاية الأيتام.
خدمات رعاية الأيتام من أولويات البرامج في تنمية القطاع الاجتماعي بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، من خلال مهامها الإشرافية والتنظيمية والتنفيذية سعيًا لضمان بيئة أسرية آمنة ومستقرة للأيتام، وتعزيز الوصول للاستقلال المالي لديهم، واعتمادهم على الذات، ومساعدتهم في عملية الاندماج الاجتماعي، ودعمهم للحصول على السكن والتدريب والتأهيل والتوظيف.
وتعزيزًا لدور مؤسسات المجتمع المدني في رعاية الأيتام لتحقيق مستهدفات رؤية 2030م، فقد ترأس معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي مجلس الأمناء بالمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام «إخاء».
كفالة اليتيم لا تقتصر على تأمين المال فقط، وإنما تشمل جوانب عدة من حيث التربية والتعليم والإرشاد، وتقديم العلاج والمساعدة على الاعتماد على النفس والاستقلالية؛ لتكوين أسرة بما يجسّد قِيَم التكافل والتكاتف بين أفراد المجتمع، ويمكّن الأيتام نفسيًّا ومعرفيًّا ووظيفيًّا في سوق العمل، من خلال التحوُّل من رعاية الأيتام إلى تعزيز مشاركتهم في التنمية الوطنية الشاملة، ورفع مستوى حضورهم الفاعل في المجتمع.
وهناك العديد من الجمعيات التي تُعنى بالأيتام، وقصص نجاح مميّزة تنمُّ عن شغف وطموح نحو المستقبل عبَّروا عنه في مواقع العمل والمسؤولية لخدمة وطنهم.
وطننا الغالي شمل جميع أبنائه وبناته في الرعاية والتنمية، وكذلك اليتيم الذي من كفالته إشراكه في التنمية الوطنية، وتمكينه ليحس بقيمة ذاته، وليعتمد على نفسه بعزة وكرامة في دولة كريمة حانية ترعى حقوق الإنسان، عنت به في طفولته، ووفرت له الأدوات من الرعاية والحماية والتعليم الأساسي، والعلاج، وتستمر لتأمين المهارات التقنية؛ للحصول على سبل مستدامة للعيش، ومن ثم الانطلاق في سوق العمل بدون أي نقص عن غيره ممّن تربى في كنف أسرته البيولوجية.
لهذا ونحن نكتب عن رعاية الأيتام في السعودية، نحس بالفخر والاعتزاز، ونأمل أن تُذكَر القصص الناجحة للأيتام الذين تمكّنوا في سوق العمل، وأن نشيد بهم وندعمهم من دورنا الوطني والاجتماعي لوطن يشمل جميع أطيافه، ويعزز من اللحمة الوطنية.