هل بيننا وبين التوثيق مشكلة؟! فالمحاكم تقول إن علاقتنا مع التوثيق علاقة غير سويّة.
نتشارك في مشروع ولا نوثّق فتحدث المشاكل ويتحول الأصدقاء إلى أعداء عند أول منعطف، وأحد الأسباب الرئيسة للمشكلة وانهيار الشراكة أن كل طرف لا يعرف ما له وما عليه.
مشاريع عائلية قائمة على الثقة بالأخ الأكبر أو القائم على الأعمال، وبعد فترة تبدأ بوادر التشكيك، فتحصل الفرقة والقطيعة، وقد يظهر الأولاد ولا يحملون ما يحمله الآباء فتتفرق عائلات كانت مضرب المثل في الاجتماع والاتفاق.
عندما يتوفى شخص تجد ورثته يسعون لتبرئة ذمة فقيدهم ويعلنون: من له حق على الفقيد فعليه المراجعة، ولو وثّق ديونه ما أوقع أبناءه في المتاعب ولا عرضهم للمحتالين، ومن وثّق دينه لأولاده صنع فيهم معروفاً، ولذلك فالتوثيق مهم لكل طرف من الأطراف.
بل والأسوأ من ذلك أن بعض المؤسسات الخاصة يعمل العاملون فيها بدون عقود واضحة، والأسوأ والأنكى عندما يطلب من الموظف التوقيع على عقد والواقع مغاير لبنود العقد خصوصاً في الميزات والأمور المالية، ولا يجعل الموظف أو الموظفة يستكين إلا الخوف من الاستغناء عنه، بل وقد يُهدد بذلك.
المشكلة عندما يطلب أحد الأطراف التوثيق ينطلق الطرف الآخر: هل تشكك في؟! ألست واثقاً بي؟! ولمثل هذا نقول: كونك ثقة لا يعني ألا نوثّق، وكوننا وثّقنا لا يعني أنك أصبحت ثقة، فالثقة شيء والتوثيق شيء آخر، وكلاهما مهم في التعامل، بل لأنك ثقة سنوثّق.
وهذا ليس اجتهاداً بشرياً حديثاً بل هو أمر رباني، فقد قال الحق جل جلاله «يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه».
للمتساهلين في التوثيق أورد قصة ذكرها جار الله الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار ونصوص الأخيار: استقرض الأصمعي خليل له، فقال: نعم وكرامة. ولكن سكّن قلبي برهن يساوي ضعف ما تطلبه، فقال: يا أبا سعيد، ما تثق بي؟ قال: بلى، وهذا خليل الله قد كان واثقا به وقد قال: ليطمئن قلبي.
طمأنينة القلب مهمة، ومشاريعنا المميزة مصدر فخر يجب ألا نفرّط فيها، وعائلاتنا حصن منيع يجب ألا نسمح بتفككه، وثّقوا.
@shlash2020