في اللغة إجمالا، وفي اللهجة المحكية أحيانا هناك عبارات لا نستطيع تصنيفها، ويصعب الإمساك بها، وتثبيتها أمام معنى محدد وواضح. من ذلك ما يجري على ألسنة الناس في حياتهم العادية من عبارات، تكشف عن مدى رضاهم على الآخرين. عبارة «شايل بخاطري» على فلان، لا يمكننا القول بأنها إشارة كاملة على الغضب، والقطيعة، وفي ذات الوقت لا يمكن أن تفسر على أنها إعلان رضانا الكامل، هذه العبارة يمكن وصفها ببوادر غضب أو زعل كما نقول في اللهجة العامية، والبعض يرى أنها يمكن أن تكون مشروع محاسبة، ومصارحة مع من نحب ويقومون بأفعال قد لا تروق لنا، ولا نقبلها بشكل مطلق، البعض يرى أن كلمة الخاطر في هذه العبارة يعني المحيط، أو المزاج العام. وهنا يمكن أن نفهم أننا نصف حالتنا العامة من شخص، أو موقف جاء بقدر أقل من السعادة والفرح لنا.
في وقت مضى سألت قريبي أبو مهدي - غفر الله له ولأموات المسلمين - عن معنى هذه العبارة من وجهة نظره، ومن خبرته الطويلة والعميقة في هذه الحياة، كان أبو مهدي يجلس إلى يميني متكئاً على كوع يده اليمنى، ويسند ذقنه المشذبة بعناية ذلك النهار على راحته قال لي:
اسمع، وأنا عمك، الناس ليسوا شيئا واحدا في هذه الحياة، وكل منهم يملك جهاز استقبال يغربل به ما يصدر من الآخرين تجاهه.
واعتدل في جلسته وتابع:
ويعتمد في تصنيف المواد المرسلة إليه في كيفية ضبط الإنسان المتلقي لإعدادات جهاز استقباله ذاك، المهم بارك الله فيك هي عملية الفرز للمواد المستقبلة، والتي يكون بينها بالعادة ما يثير الغضب الشديد، أشياء أخرى تثير لدى الناس بعض الغضب، أو حتى العتب.
عاد إلى طريقته الأولى في الجلوس، بعد أن شرب آخر فنجان قهوة، ورفعه في الهواء وهو يهزه إشارة إلى أنه قد اكتفى من احتساء القهوة، وعاود القول:
المهم هو نظرة الناس للشخص الذي تصدر منه الأفعال، أو الأقوال التي تورث الغضب، أو الإزعاج للآخرين. فإن كان قريبا إلى النفس ولا يستغنى عن العلاقة معه وليس معروفا عنه تعمد الإساءة إلى الآخرين خاصة منهم قريب منه، هنا وإذا شال أحدهم عليه، في الغالب يكاشفه بموضوع العتب، أو الزعل، أو الشيلة في الخاطر. وهذا في الغالب لصالح الطرفين ولدوام المودة، والتقدير بينهما.
رحم الله ذلك الرجل الذي طالما أعانني على فهم أمور كثيرة.