تساءلت مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية، عما إذا كان الوضع في قبرص يقدم حلًا للحرب الأوكرانية.
وبحسب مقال لـ"ليون هادار"، في حين أن أوكرانيا ليست مثل قبرص تمامًا، وهناك بعض الاختلافات الرئيسية بين غزو روسيا جارتَها، واحتلال تركيا شمالَ جزيرة قبرص في البحر المتوسط، إلا أن هناك أوجه تشابه مثيرة للاهتمام، تثير إمكانية التوصل إلى حل على نفس المنوال.
انقسام قبرص
أشار هادار إلى أن أوكرانيا يمكن أن تظل منقسمة، بين منطقة حكم ذاتي تسيطر عليها روسيا، وأوكرانيا مستقلة ومزدهرة ذات توجه غربي، على غرار الوضع في قبرص.
وأردف: في يوليو 1974، حرض نظام عسكري يوناني على انقلاب عسكري في قبرص، بقصد توحيد الجزيرة مع اليونان، مما أدى إلى غزو تركي.
وأضاف: برر القادة الأتراك غزو بلادهم، واحتلالها الأولي لـ 3% من الجزيرة، كجزء من محاولة لحماية الأقلية التركية، التي تشكل 20% من السكان.
فشل السلام
مضى الكاتب يقول، بعد فشل محادثات السلام في التوصل إلى اتفاق، وسع الأتراك احتلالهم إلى 36% من الجزيرة.
وأردف: في عام 1983، أعلنت الإدارة القبرصية التركية، بحكم الأمر الواقع استقلالها باسم الجمهورية التركية لشمال قبرص.
واستطرد: حولت الحكومة في قبرص، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي انضمت إليها نيقوسيا في عام 2004، نفسها إلى اقتصاد مزدهر.
وبحسب الكاتب، لا تزال نيقوسيا تعتبر الجزء الشمالي من البلاد أرضًا تحتلها تركيا، وتؤيد فكرة المفاوضات الهادفة إلى التقريب بين البلاد.
وأوضح أنه في غضون ذلك، تم توطين الجزء الشمالي بمهاجرين أتراك، وأصبح تدريجيًا مقاطعة تركية.
التكلفة والعائد
تابع هادار: في هذا السياق، يبدو أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذان يصران علنًا على ضرورة إخلاء روسيا لشبه جزيرة القرم والمناطق الأوكرانية الأخرى التي احتلتها بشكل غير قانوني، لا يواجهان مشكلة كبيرة في تحويل الاحتلال التركي لقبرص إلى قضية دولية هامشية.
وأضاف: في الواقع، لا تزال تركيا عضوًا مهمًا في الناتو، وقد أجرت أنقرة مفاوضات مع بروكسل حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حتى مع احتلال قواتها لقبرص.
وأشار إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار الوضع الراهن على الجزيرة لسنوات عديدة، هو إحجام نيقوسيا وأثينا عن تحدي الاحتلال التركي، من خلال استخدام القوة العسكرية.
وأردف: يبدو أن القادة في نيقوسيا أجروا تحليل التكلفة والعائد، وقرروا أن فوائد التحول إلى مجتمع غربي مزدهر وحليف للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تفوق تكاليف مواجهة أنقرة.
إعمار أوكرانيا
لفت الكاتب إلى أنه من هذا المنظور، قد يصل قادة أوكرانيا في كييف إلى النظر إلى تكاليف استمرار الحرب مع روسيا، من أجل تحرير شبه جزيرة القرم، وغيرها من الأراضي التي تحتلها روسيا، على أنها تفوق فوائد وقف إطلاق النار، الذي من شأنه أن يوفر إعادة إعمار أوكرانيا، والسماح بانضمامها في المستقبل إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
وتابع: لا ينبغي أن يمنع ذلك كييف من الاستمرار في تحدي الاحتلال الروسي غير الشرعي لأوكرانيا، والدعوة إلى عودة تلك الأراضي إلى سيطرة أوكرانيا في وقت ما في المستقبل.
وأشار إلى أن ذلك سيساعد الغرب في استعادة العلاقات مع موسكو، وإيجاد طرق لضمان أن تصبح روسيا جزءًا من ميزان قوى جديد وسلمي في أوروبا بعد الحرب.