تعتبر الاقتصاديات الآسيوية من أساسيات التحولات في النهضة الاقتصادية العالمية، ولها دور كبير في الاستقرار أو في الأزمات الدولية، سواء كانت تشكل أسبابا مباشرة وإلا فإنها ستشكل أسبابا غير مباشرة بطريقة أو بأخرى، بالمطلق فالاقتصاديات والعقول والرساميل الآسيوية لا يمكن الاستهانة بها، ولها شأنها الذي يحسب له حسابه الخاص، دوناً عن باقي اقتصاديات العالم، حتى وهي تتقاعس عن مجتمع الصناعات، أو تحاول المنافسة والمضي للحاق به، فهي اليوم تملك عقولا تقارع بها الصناعات الذكية وحقبتها.
شكل الآسيويون «بمن فيهم العرب» هجرات قديمة للغرب، جعلت من بعضهم اليوم أفرادا منخرطين في السلك الحكومي في الدول الغربية، ولكن لا يمكن أن تخطئ أشكالهم وألوانهم وأسماءهم بأنهم ينتمون إلى موطنهم الآسيوي الأصيل.
من جهة أخرى، فإن الاقتصاد الآسيوي وأسواقه الواعدة هي الأخرى يزداد سطوعها، وبعضها بات منافسا عنيدا للاقتصاديات القوية، فعلى مستوى النهوض نجحت اقتصادات الكثير من الدول الآسيوية في ذلك، بل وتفوقت على نفسها حتى، ولكنها فشلت في شيء واحد فقط وهو التكتلات والاتحادات، ذلك لنعرف بأن العقلية والأيدلوجية للدول الشرقية هي المسيطر على ما تقدمه من نهضة، وهي التي تقوض تفوقها، وليس للعقول البشرية ومستوى الإنتاج أي دخل في ذلك، ولعل تاريخ دول الشرق الأقصى أكبر مثال على ذلك، انشغالها بالحروب والهموم السياسية هو سبب تراجعها، وبالتالي تفكك الجيرة إلى دول رأسمالية ودول شيوعية كنوع من الانتقام على الحروب البينية التي أنهكتهم.
بيد أن تلك الأيدلوجية تعتبر ميزة أيضا للآسيوي الذي يقدس وطنه مهما كان انتقاده له، ما جعلني أكتب عن الاقتصاديات الآسيوية ومنهجها كانت أخبار هذا الأسبوع التي انحصرت عن الملياردير الهندي غوتام أداني، بين عقود وصفقات وطرح أسهم وخسارة لمليارات الدولارات، كلها جملة واحدة، ولكن لنتحدث عن هذا الثري الهندي القادم من الشرق، يعتبر أداني الذي ذاع صيته من قائمة فوربيس لأغنى أغنياء العالم، أحد الهنود الذين ساهموا في بناء الهند الحديثة، وجعل اقتصادها واعدا، فهذا الملياردير دخل في استثمارات ناجحة، استهدف البنى التحتية والموانئ والمواصلات والطاقة والكهرباء ومصانع تعدين وأسمنت، واستطاع بناء بنية تحتية جديدة للهند من سكك حديد وخلافه، وأدخل من موانئه الخاصة المواد التي ساعدت في مشاريع البناء والتي يحتاجها للتعدين، وجعل استثماراته في الدول المجاورة في صناعات تحتاجها بلاده، لذا يعتبر أحد من ساهم في جعل الاقتصاد الهندي اقتصادا واعدا، فلولا هذا الولاء الكبير للوطن، والذي يتميز به الآسيويون الشرقيون كلهم بكل طيوفهم، لما تجاوزت بلادهم النكبات وصارت دولا واعدة، وبعضها منافسة، وأخرى ترسم مستقبلا مشرقا.
@hana_maki00