@bayian03
الزمان أبٌ لثلاثة أولاد، الماضي المعروف بوجهه ذي الألوان، الحاضر المعروف بواقعيته، والمستقبل المعروف بالغموض، ذات يومٍ أتاه الذكاء سائلًا إياه عن الاستثمار، فأجابه قائلًا إن التجربة يا بُني خير برهان؛ لنرَ ماذا فعل الذكاء مع الأبناء الثلاثة.
استثمار الذكاء في الماضي، وكما نعلم، فلون وجه الماضي إما أسود، وإما أبيض، فعند استثمار الذكاء مع الوجه الأسود نراه يحاول تبييض السواد؛ ليظهر بأنه كان يحاول بأفعال جيدة فلم يُفلح، فتعامل مع الوجه الأبيض، وكل ما فعله هو إضافة أشياء لامعة جميلة؛ ليزيد من بياض الوجه، فلم يستفد الذكاء من الوجهَين سوى أن الماضي الأسود، والأبيض لا يتغيَّران مهما حاول ذلك، فعليه أن يتعلم من سبب سواده، وبياضه.
استثمار الذكاء في المستقبل، وبما أن الاستثمار لا يتعامل مع الفراغ، فإنه سيبني المشروع على أحد طريقين، إما طريقًا مشرقًا، وعثراته قليلة، وسيكون ذا تفرعات كثيرة، وإما طريقًا مظلمًا، وعثراته كالجبال، وتفرّعاته مرعبة لا نهاية معروفة لها، ولذلك فالتوقعات المجهولة تدمر كيان الاستثمار إلا في حالة بناء توقعات على أساس متين.
استثمار الذكاء في الحاضر، قواعد الاستثمار تتم بميزانية دقيقة؛ لأن الحاضر ثابت القواعد، وتغيراتها معروفة، فيتم استثمار جيد، ولكنه يفتقر لأساس التكوين، وطموحٍ كبير، فيتم اعتباره مكانًا مناسبًا للاستثمار، ولكنه يريد مصدرًا موثوقًا، وهدفًا ملموسًا.
بعد ذلك أتى الزمان؛ ليستطلع أحوال الذكاء، ففوجئ مما رأى، فقد شعر بالفخر بوجهي الماضي، حيث إن الذكاء أخذ منهما مصدر التعلم، ووضع قواعد من غموض المستقبل، وذلك على أكتاف الحاضر الذي تكاتف مع شقيقيه لإتمام الاستثمار، فقال الزمان فرحًا: لا تنسَ الماضي، وكن حاضرًا بوجودك، ووجّه مستقبلك لتستثمر كما تريد، أحسنت أيها الذكاء!