@aisha_n_n
أعلم بأنه عندما نتحدث عن شبكة العلاقات الاجتماعية فإنكم تعتقدون أنه كلما اتسع حجمها كان الأمر أفضل أليس كذلك؟
بالطبع لا !! بل عليكم اختيار دائرة العلاقات الاجتماعية الداخلية الأقرب والأكثر انتقائية بثقة وبعناية وحرص، أعلم بأنه من المتعارف عليه رغبتنا جميعا في توسيع حجم شبكات علاقاتنا الاجتماعية إلى أقصى ما يمكن سواء في العالم الافتراضي أو الحقيقي وذلك لأنه كلما ازداد عدد معارفنا ازدادت الفرص المتاحة أمامنا التي يمكن أن تساعدنا على التقدم، ولكن صدقني كلما صغرت دائرة علاقاتك سوف تجد أن دائرة راحتك تتسع تلقائيا.
أعلم أيضا أنه في بعض الحالات تحتاج إلى أن تحيط نفسك بأشخاص فقط لأنك تريد شيئا يشغلك ويشغل بالك من فكرة تسيطر عليك أو ضيق تشعر به لذا قد تلجأ للازدحام الاجتماعي وقد تكون فعلا طريقة ناجحة لتشتيت انتباهك عن هذه الفكرة التي تسيطر على ذهنك أو الضيق الذي تشعر به، قد يكون هذا الازدحام الاجتماعي يمثل لك قناعا تختفي خلفه أو عكازا تستند عليه.
لا أتحدث هنا عن فن الذكاء والتواصل الاجتماعي بل حديثي عن العلاقات الاجتماعية الخاصة والداخلية لكل فرد منا.
تأكد أنه مع التجارب التي تمر بها عبر الزمن سوف يتغير مفهومك للتواصل الاجتماعي حتما حيث سوف يصبح تقييمك للناس أكثر موضوعية وانتقائية سوف تفكر ألف مرة قبل أن تقترب أو تعطي الآخرين الضوء الأخضر كي يعبروا حدودك الشخصية لأن دائرتك الاجتماعية تصغر.
بالطبع هذا لا يعني أن دائرتك الاجتماعية ضعيفة ولا يعني أنك أصبحت شخصا يفضل الوحدة والكآبة على مصاحبة الآخرين بل هذا بالتأكيد دلالة على نضجك الاجتماعي ووعيك العالي لانتقائيتك في الاختيار لمعنى الصحبة والتي تختلف عن الرفقة الاجتماعية المؤقتة أو التواصل الاجتماعي الذي تفرضه المناسبات والعلاقات الاجتماعية الروتينية.
سوف تستيقظ يوما وتجد أن دائرتك الصغيرة أصبحت تضم عددا قليلا جدا من الأشخاص لكنك سوف تعرف أن هؤلاء الأقلية قيمتهم تكمن في صدقهم وإحساسهم الإنساني الذي يأسرك.
صدقني عزيزي القارئ بأنه كلما كثرت تجاربنا صغرت دائرة علاقاتنا مع من حولنا ليس تكبرا أو رغبة بالوحدة والانعزال بل لانتقاء الصحبة الخاصة المحيطة بنا والأشخاص الذين حولنا بدقة أكثر وأكبر.
«قلل ناسك يرتاح راسك» الحقيقة أنها مقولة صائبة تماما ! فهذه قاعدة مهمة جدا في علاقاتنا الاجتماعية، فهناك الكثير من الشخصيات التي دخلت إلى حياتك، منهم من غربلته الأيام ومنهم من قطعت علاقتك به بنفسك وبكامل إرادتك ! وهناك بالمقابل أيضا من رافقتهم لعشرات السنين ثم فارقتهم في لحظات، ومن كانوا بعيدين كل البعد عنك ثم عادوا إليك في لحظات أيضا !
هذه المواقف والأيام تذهب ويبقى عليك أن تختار الأشخاص الذين ستبقيهم في حياتك فقط ! من من هؤلاء الأشخاص ساندك وكان مصدر قوتك في أضعف أوقاتك؟ ومن منهم كان وجوده أشبه بعدمه في حياتك بلا أدنى إضافة تذكر بل كانوا بمثابة امتحان على هيئة بشر؟
تأكد أنه مع مرور الوقت وكثرة التجارب والمواقف سوف «تقلل ناسك ليرتاح راسك» وسوف تتعامل مع دائرة علاقاتك باعتماد ترك مسافة أمان بينك وبينهم دائما حتى تتفادى المواقف الصعبة فيما بعد.
كن أنت المسيطر على مشاعرك وانفعالاتك وكل ما يتعلق بك في علاقاتك الاجتماعية مع الطرف الآخر وليس العكس!
فليس هناك من يسعى لنجاحك وتحقيق مرادك سواك أنت ! وليس هناك من سيتحمل أخطاءك وعيوبك ويمتص غضبك إلا أنت !
أما سقف توقعاتك بالأشخاص حولك مهما اقتربوا منك فلا ترفعه عاليا حتى لا تصدمك المواقف في يوم من الأيام.
أخيرا: «قلل ناسك.. يرتاح راسك» وكن ذكيا في انتقاء كل شخص تدخله إلى حياتك ودائرتك الاجتماعية لأنه بوجوده فيها لا شك سيأخذ من طاقتك ومجهودك ووقتك وعواطفك الشيء الكثير وأحب نفسك وقدرها واعتن بها ولا تسمح لأي شخص أن يضرها مهما كانت منزلته لديك والتفت إلى نفسك.