خراب وأطلال المباني في كل مكان، ودرجات حرارة متدنية لا تتخطَّى الرقم العشرة، ودوي إنذارات سيارات الإسعاف منتشر بالأجواء، هكذا هو المشهد في المناطق المتضررة من الزلزال المدمر في سوريا وتركيا، الجميع يتجرع الألم بين المادي مصابًا أو المعنوي مكلومًا على ذويه وأقربائه وأبناء بلده.
تعدَّدت المشاهد التي تروي حجم المأساة بين سوريا وتركيا، فقد استيقظ سكان تلك المناطق فجرًا، بعد أن اهتزَّت بهم الأرض دون سابق إنذار، فهرعوا إلى خارج المباني فنهم من نجا ومنهم من ابتلعته المباني المنهارة.
الاستيقاظ على صدمة
"استيقظنا على الهزة الأرضية، إذ انقطع التيار الكهربائي، وقفنا ساكنين وانتظرنا انتهاء الزلزال"، كلمات قالها سنان شاهان، وهو تاجر في غازي عنتاب، بحسب تقرير على صحيفة الجارديان.
وأضاف: "كان منزلنا مليئًا بالزجاج المكسور، استخدمنا كشّاف الهاتف الخاص بنا حتى نرتدي ملابسنا، ونسرع للخروج من المنزل، أي شخص قادر على إنقاذ نفسه هرب الآن إلى مكان ما، لدي أقارب في كهرمان مرعش، منازلهم دمّرت تمامًا".
"الزلزال أكبر كارثة تشهدها البلاد منذ 1939.".. أول تعليق من الرئيس التركي #أردوغان عقب #زلزال تركيا صباح اليوم#هزه_ارضيه pic.twitter.com/SnMsJ0FS1s— صحيفة اليوم (@alyaum) February 6, 2023
12 عائلة تحت الأنقاض
في بلدة جندريس، بمحافظة حلب، لم يتبق من مبنى متعدد الطوابق إلا كومة من الخرسانة والقضبان الفولاذية والملابس، يقف أمامه شاب نحيف وهو مذهول من وقع الصدمة ويده مغطاة بضمادات، يقول: "هناك 12 عائلة تحت الأنقاض، لم يخرج أحد، كنّا نُخرج الناس بأنفسنا في الثالثة صباحًا"، بحسب رويترز.
فيما شوهد الشباب وهم يسيرون عبر الحطام ويزيلون الخرسانة بحثًا عن ناجين، وكانت خزانات المياه والألواح الشمسية المحطمة فوق الأسطح وسقطت على الأرض الرطبة.
وفي العاصمة دمشق يصف "سامر"، وهو من سكان العاصمة: "سقطت اللوحات من على جدران المنزل، استيقظت مرعوبًا، نحن الآن نرتدي ملابسنا ونقف عند الباب".
المستشفيات.. جرحى في كل مكان
تدفق عدد كبير من الجرحى على مستشفى مكتظ في بلدة دركوش، شمال غرب سوريا الذي يسيطر عليه المتمردون، اليوم الإثنين، بعد زلزال مميت ضرب المنطقة. تحوم الأمهات فوق أطفال يبكون.
وسط هذه الفوضى، جلس رجل بتعبير مذهول، ووجهه مغطى بالجروح.
كان الرجل، أسامة عبد الحميد، قد نجا بصعوبة مع زوجته وأربعة أطفال من شقته في قرية أزمارين القريبة. كثير من جيرانهم لم يحالفهم الحظ، بحسب رويترز.
وقال عبد الحميد وهو يبكي: "المبنى مكوّن من أربعة طوابق، ثلاثة منها لم يخرج منها أحد، لقد منحني الله فرصة جديدة للحياة".
في مستشفى دركوش غربي إدلب، أخبر عبد الحميد كيف كانت عائلته نائمة في شقتهم عندما استيقظوا من الاهتزاز القوي الذي طال أمده. هربوا من الشقة، لكن "قبل أن نصل إلى باب المبنى، سقط المبنى بأكمله علينا"، على حد قوله.
كان الباب الخشبي يحميهم من أسوأ قوة للانهيار، لقد خرجوا جميعًا أحياء، وأصيب هو وزوجته وثلاثة من أطفاله بجروح في الرأس، لكن جميعهم في حالة مستقرة.
قال مجدي الإبراهيم، الجراح العام بالمستشفى، إن حجم الإصابات سرعان ما استحوذ على موارد المستشفى، وأكمل: "نحن بحاجة إلى مساعدة عاجلة، الخطر يفوق قدرتنا".
زلزال #تركيا و #سوريا.. تسلسل زمني لأقوى هزة أرضية منذ 1939 (فيديو وصور) https://t.co/15xoKPSJit pic.twitter.com/h7RntpJuU8— صحيفة اليوم (@alyaum) February 6, 2023
التوابع مستمرة
قال أحمد الشيخ، وهو من سكان بلدة حدودية قريبة في ريف محافظة إدلب إن الزلزال دمر المباني المتواضعة التي أقيمت في مخيمات النازحين التي تستضيف سوريين فروا من الحرب على مدى سنوات، بحسب ما نقلته "رويترز".
وإلى الغرب، كان المستشفى الرئيسي في مدينة عفرين، يعجّ بالجرحى على الأرض فيما تكافح النساء للوصول إلى أحبائهن عبر الهاتف، إذ كانت الخطوط معطلة.
ويضع المسعفون أكياس الجثث السوداء على أرض ملطخة بالدماء بينما كان الأطفال الصغار يصرخون.
وقال إبراهيم عبيد، وهو أحد سكان عفرين: "نسمع صوت صفارات الإسعاف في كل مكان. الناس في الشوارع مصدومة وفي خوف كبير، وما زلنا نشعر بارتدادات".
طلب عاجل للمساعدة
قال الدفاع المدني السوري، خدمة الإنقاذ المعروفة باسم الخوذ البيضاء، إنها أعلنت حالة الطوارئ لإنقاذ عديد من الأشخاص الذين يخشون أن يكونوا محاصرين تحت المباني المنهارة في المناطق المحيطة بإدلب.
ووصفت المنظمة، في بيان لها، الوضع قائلة: "حالة كارثية مع انهيار المباني أو تعرضها لشقوق كبيرة، وإصابة المئات الذي تقطعت بهم السبل، إضافة إلى عشرات القتلى ونقص الخدمات والملاجئ الآمنة ونقاط التجمع في ظل الظروف الجوية العاصفة والثلجية ودرجات الحرارة المنخفضة".
وأطلقت المجموعة نداءً للمساعدة من المجتمع الدولي "لمنع تدهور الوضع" والضغط على الحكومة السورية وداعميها في موسكو لصد الضربات الجوية في المنطقة لمنع سقوط مزيد من الضحايا.
وقال شهود إن الناس في دمشق وكذلك في مدينتي بيروت وطرابلس اللبنانيين ركضوا إلى الشارع سيرًا على الأقدام، وصعدوا إلى سياراتهم للابتعاد عن مبانيهم في حالة الانهيار، بحسب تقرير نشرته "رويترز".
عمليات إنقاذ وسط الصقيع
تقول الأمم المتحدة إن ملايين الأشخاص في شمال غرب سوريا باتوا معرّضين للخطر بسبب الصراع الذي تسبب في نزوح 2.9 مليون شخص في المنطقة وإقامة 1.8 مليون في المخيمات.
وعملت فرق الإنقاذ على مدى سنوات لإنقاذ الناس من القصف والغارات الجوية في الحرب الروسية. يقول رائد فارس، مدير الخوذ البيضاء: "طقس الشتاء البارد يشكّل تحديًا آخر لعمال الإنقاذ، الذين قالوا إن العائلات تُركت في درجات حرارة شبه متجمدة وأمطار غزيرة".