التطوير المهني يُعدُّ من الاستثمار في رأس المال البشري، فهو وسيلة للارتقاء بالقوى العاملة لتحسين أداء المنظومة، ورفع عوائدها، فالعنصر البشري هو الأساس في تحقيق التميُّز في المنظمات والمؤسسات عبر التدريب من منظومات ومؤسسات تتنافس فيما بينها من حيث البرامج وتنوّعها، وتتطلب التكيف مع المتغيّرات التي تُفرض على نظم التطوير المهني المستمر؛ لتحقيق الجودة في مخرجاته والأثر المرجو منه.
مع الرؤية الوطنية فإن قياس أثر التدريب يتضمن تقييم أثر الاستثمار فيه من خلال احتساب العائد من الاستثمار في البرنامج التدريبي بتحقيق مؤشرات أداء قابلة للقياس والترجمة إلى أرقام أو قِيَم مالية. على مستوى المنظمة مع إمكانية الحصول على تغذية حول تلك المؤشرات خلال الفترة الزمنية المشمولة باحتساب العائد من التدريب وتكلفة البرنامج التدريبي وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية بالشؤون المالية في المنظمة؛ ما يبرز الحاجة لإعادة النظر في عملية التدريب وتقييمها تقييمًا شاملًا لا يقتصر على تقييم انطباع المشاركين، بل يمتد ليشمل معرفة أبعاد التدريب وتحديد العائد من الاستثمار بصورة أكثر واقعية لبرامج التدريب بطريقة إيجابية ومؤثرة في نتائج الأعمال.
يُمثل قياس العائد من التدريب في الموارد البشرية ضمانًا لجودة الإنتاج والمخرج والموازنة بين التكاليف الفعلية للتدريب وتحديد الفوائد المتوقعة مقابل التكاليف التي يتم صرفها على العملية التدريبية، والأثر الذي سيتحقق مستقبلًا من خلال الاستثمار في تنمية رأس المال البشري؛ لمعرفة الجدوى من التدريب للاستفادة من الموظف في المجال الذي تم التدريب عليه؛ لينعكس على العمل.
لذا فإن العملية التدريبية يجب ألا تنقطع بتقديم التدريب، وإنما بمتابعة أثر مخرجات التدريب من خلال جهات الأعمال إن انعكست على الأداء بعد تمكين المتدربين في المجالات التي تم التدريب عليها، بالتعاون بين إدارات التدريب والموارد البشرية في جهات الأعمال، وبما يتوافق مع السياسات الوطنية والحوكمة ضمن إطار التنافسية الذي ينبغي أن يبدأ من تخطيط البرامج التدريبية، وتستمر حتى قياس أثر العائد من التدريب؛ كون المعلومات العائدة من التقييم تساعد في تحسين عملية التدريب لتحقيق الهدف النهائي.
من أدوات تقييم مخرجات التدريب الملاحظة عند التدريب على المهارات التي تنعكس على السلوك، وسجلات الأداء والمؤشرات على أسس الجودة والنوعية والتكاليف والوقت، أو المقابلات بين مسؤول التدريب والمتدربين من أجل التعرُّف على مدى اكتسابهم المعارف والمهارات بأسئلة معدة مُسبقًا، تهدف إلى التعرّف على الحاجات التدريبية للمتدربين وتقييم الأداء. وكذلك الاستبانات والاختبارات، والتقييم من خلال تحليل المشكلات عبر دراسة حالة معيّنة لتقديم المطلوب قياسه من مخرجات التدريب أو اختيار مجموعتَين من الأفراد متشابهتَين في مستوى الخبرة والمهارة ومعدلات الأداء ونوع وظروف العمل والإمكانيات المتاحة، وبعد تقييم المجموعتين على أسس محددة تخضع إحداها (المجموعة التجريبية) لبرنامج تدريبي معيّن، بينما لا تخضع الأخرى (المجموعة الرقابية) لأي برنامج تدريبي، وبعد انتهاء البرنامج يُعاد تقييم المجموعتين للتعرّف على الفروق التي أحدثها البرنامج التدريبي.
على الرغم من العلاقة الوثيقة بين تقييم التدريب وقياس أثر التدريب إلا أن هناك فرقًا بين المفهومَين، فالتقييم قياس لنتائج التدريب على المدى القصير، بينما يرصد قياس الأثر التغيّرات على المدى البعيد، بعد الانتهاء من التدريب وعودة المتدربين إلى أعمالهم، حيث إنه من الأهمية التعرّف على أثر التدريب في إحداث التغيّر المنشود والفائدة المرجوّة منه، وبالتالي إمكانية تقييم العائد على الاستثمار من التدريب، حيث يُستدل على أثر البرنامج التدريبي من خلال ازدياد نسبة الاحتفاظ بالموظفين أو انخفاض نسبة دوران العمل، وازدياد نسبة الرضا بمعايير ومواصفات قياس الأثر التدريبي.