وصلت أمس الخميس، أول قافلة مساعدات لشمال غرب سوريا المنكوب بفعل الزلزال ومن قبله الحرب، قادمة من المعبر الوحيد المفتوح والواصل بينها وبين تركيا، وهو باب الهوى.
وفي الشمال حيث يقطن هناك نحو 4.5 مليون شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، يعتمد 90% منهم على المساعدات الإنسانية، لا تكفي تلك المعونة إلا نحو 5 آلاف شخص منهم، ما يجعل أثرها بالغ الضآلة في مواجهة سيل من المتضررين، الذين قضوا أيامًا دون مساعدة؛ بسبب تضرر المعبر الذي تدخل المعونة إليهم منه، قبل إصلاحه الأربعاء الماضي.
وفي حين تنهال المساعدات على المناطق سهلة الوصول في البلدين المتضررين، فإن الشمال السوري يكاد يكون محاصرًا، ولا يصل إليه ما يكفيه من الغوث، بسبب النزاع السياسي عليه، إضافة لتضرر طرق الوصول القليلة بالفعل إليه.
ففي الوقت الذي يؤكد برنامج الأغذية العالمي، أن مخزونه من الغذاء يوشك أن ينفد في المنطقة السورية، فإن الإمداد الغذائي البديل لم يصل بعد.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة فإن 14 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية، عبرت الحدود من تركيا إلى شمال سوريا اليوم الجمعة.
نجحت أول قافلة أممية للمساعدات عبر الحدود في الوصول إلى شمال غرب #سورية بعد الزلزال الذي عطل العمليات مؤقتًا.
توفر هذه القافلة المكونة من 6 شاحنات مواد الإغاثة التي تشتد الحاجة إليها، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم للاستجابة للاحتياجات المتزايدة: https://t.co/PLOMf8FrsJ pic.twitter.com/fQ0Tm1vw4M— OCHA in Arabic (@UNOCHA_ar) February 9, 2023
شمال سوريا البيئة الأشد قسوة بين أماكن الزلزال
خلال سنوات من الحرب بين النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد وبين المعارضة المسلحة في الشمال، وهي المنطقة التي لا تزال تسيطر عليها، تعرضت البلدات هناك لوبال الحرب، فتدمرت أجزاء منها، وتكسرت الطرق، وأتلفت المرافق الأساسية، التي تربط بين سوريا ككل وشمالها.
ولم يحسب طرفا القتال أنهم قد يواجهون كارثة طبيعية، تصب كل ضررها على الشعب، الذي لا يد له في تلك المعارك أو حيلة، فمع استمرار أيام القتال نفدت المؤن الطبية، وأتلفت معدات الإنقاذ، وأصبح مصدر الاحتياجات الأولية التي لا غنى عنها للحياة هو المساعدات الدولية، التي تصل إلى ساكني المنطقة عبر تركيا، وانتشرت الأمراض المتضمنة، بالطبع الكوليرا لسوء الغذاء وتلوث مصادر المياه.
كل ذلك جعل الحياة وحدها هناك بالغة الصعوبة، حتى كانت الكارثة، وعلى حين غفلة، ضرب الزلزال البلدتين المتجاورتين، سوريا وتركيا.
وبالطبع تهرع فرق الإنقاذ والمجتمع الدولي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأول ما يفتتح به الإنقاذ الأماكن سهلة الوصول، التي لم يكن من بينها شمال سوريا.
السياسة قبل الإنسانية
فور وقوع الزلزال سارع الاتحاد الأوروبي لإرسال فرق إنقاذه إلى تركيا، مع تقديم مساعدات صغيرة إلى سوريا من خلال برامج المساعدة الإنسانية، القائمة في الأساس بسبب العقوبات الأوروبية المفروضة منذ عام 2011 ضد حكومة رئيس النظام بشار الأسد، على خلفية قمع المعارضة، بحسب ما تورده صحيفة اندبندنت.
وبعد تقديم طلب رسمي من الجانب السوري إلى الاتحاد الأوروبي لمساعدتهم في مصيبتهم، وافق الأخير على ذلك، غير أن المساعدات تأخرت بسبب تضرر الطريق الواصل بين أوروبا وسوريا بسبب الزلزال، وفق ما تورده "دويتشه فيله".
وتخشى أوروبا تمرير المساعدات الإنسانية عبر الحكومة السورية، من الجانب الآخر للمنطقة الشمالية المتضررة، حتى لا تذهب تلك الأموال في غير مصرفها، وفضلت بدلًا عن ذلك انتظار أيام لفتح معبر لها عبر تركيا.
في ظل إصرار الجانب السوري على عدم مرور أي مساعدات إلا عبره، بحسب ما تنقله "سي إن إن" عن وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، والسبب هو تخوف الحكومة السورية من وصول المساعدات لأيدي الإرهابيين بحسب الوزير.
الأمر الذي دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى تسهيل وصول المساعدات لسوريا عبر تركيا وعدم تسييس القضية، لترد واشنطن من جانبها بالتأكيد أنها ستواصل المطالبة بعدم إعاقة وصول المساعدات، مع تعهد دول أخرى بتقديم مساعدات لسوريا، مثل فرنسا التي قالت إنها ستمدها بـ 12 مليون يورو.