ليس جديدًا ولا مستغربًا أن تكون المملكة العربية السعودية في طليعة الدول التي هبَّت إلى نجدة مصابي الزلازل في دولتي سوريا وتركيا الشقيقتَين، ولا أن تكون الحملة الشعبية لمساعدة المنكوبين في البلدَين التي انطلقت بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، أول حملة شعبية في العالم لمساعدة منكوبي هذه الكارثة، ولا أن تجمع هذه الحملة خلال يومَين من إطلاقها حوالي 20.000.000 دولار، إضافة إلى ما أمرت به القيادة من مساعدات عينية، وصلت طلائعها إلى الدولتين، وما زالت التبرعات التي يقدمها المواطنون والشركات والمؤسسات عبر منصة «ساهم» الرسمية مستمرة «بإذن الله»، إلى أن يتم تخفيف آثار هذه الزلازل على البلدَين الشقيقين، كما أن مسارعة القيادة الحكيمة بالإعراب عن مواساتها للدولتين والشعبَين في البلدَين الشقيقَين، وإلى الأمر بإرسال فرق من الأطباء السعوديين والوحدات الطبية، كل ذلك يدل على أن هموم العالمَين العربي والإسلامي، والقضايا الإنسانية بشكل عام تظل كما كانت دائمًا في مقدمة اهتمامات المملكة التي لم تتأخر يومًا عن الوقوف إلى جانب الأشقاء والأصدقاء في مثل هذه المواقف، بل وفي كل وقت، وما المساعدات التي يقدمها صندوق الملك سلمان للإغاثة والصندوق السعودي للتنمية وغيرهما، ومشاريع البُنى التحتية في كافة المجالات الصحية والتعليمية، ومشاريع الطرق والمياه والطاقة التي تقوم بتمويلها المؤسسات والصناديق الإنمائية السعودية المتعددة إلا شواهد على ذلك، كما أن الموقف السعودي في هذه الكارثة يدل على ثبات سياسة المملكة تجاه الأشقاء بغض النظر عن المواقف السياسية التي لم تُحَل دون المسارعة إلى ما تم الإعلان عنه تزامنًا مع هذه الكارثة من المواقف والإجراءات التي تنطلق من مكانة المملكة ومواقفها الثابتة ومسؤولياتها؛ باعتبارها القوة الإسلامية العربية الكبرى التي لم تتخل يومًا عن واجبها تجاه الأشقاء والأصدقاء.
لقد ضاعف من نتائج هذا الزلزال في الشمال السوري انعدام الأمن والاستقرار، إضافة إلى ارتفاع درجات هذه الزلازل، والتي وصلت حوالي ثماني درجات على مقياس «ريختر»، وكذلك ما تبع الهزات الأساسية من الهزات الارتدادية التي أدت إلى مضاعفة الخسائر في الأرواح، وفي أعداد المصابين، وتدمير المزيد من المنازل والطرق والمرافق العامة؛ مما زاد المشاكل الموجودة أصلًا وجعل إعادة تعميرها أكثر تكلفة، وأكثر صعوبة وبحاجةٍ إلى وقتٍ وجهدٍ أطول وأكثر، والمؤكد أن الموقف السعودي، كما كان دائمًا سيظل يعمل على حل المشاكل في هذه المناطق، وعودة الأمن والاستقرار ضمن القرارات الدولية، ووحدة سورية وعودة المهاجرين من أبنائها، وتنفيذ الحلول السياسية التي تضمن سيادة البلاد ووحدتها، وتُنهي المأساة التي يضاعف هذا الزلزال آثارها ونتائجها، والأمل معقود أن يكلل الله مساعي بلادنا بالنجاح بما لها من تأثير في المنطقة والعالم، وما تلقاه قيادتها ومواقفها من الاحترام والتقدير لدى الدول والشعوب والمنظمات الدولية، وما عُرف عنها من بذل الجهود الطيبة دون تطلّع إلى مكاسب أو مغانم، بل رغبة في العدل والأمن والسلام.