كشف تقرير اقتصادي أن السلع الأساسية على موعد مع عام قوي بعد إعادة فتح الأسواق في الصين، مشيرا إلى أن التحفظ والحذر يهيمن على حركة الأسعار في قطاع السلع الأساسية خلال مطلع 2023.
وقال التقرير: إن مؤشر بلومبرج لإجمالي عائدات السلع حقق ارتفاعا قياسيا في العام الماضي بنسبة 38 % خلال الربع الأول، قبل أن يتراجع بقية العام ليغلق عند مكاسب سنوية بواقع 16 %، فيما يأمل أن يكون العام الحالي أكثر استقرارا من العام الماضي.
وأضاف التقرير، أن المكاسب التي حققها المؤشر عودة قوية للغاية في ظل ارتفاع قيمة الدولار وازدياد مخاوف الأطراف الفاعلة في السوق من حدوث الركود طوال النصف الثاني من العام.
شح إمدادات العديد من السلع الأساسية ضمن عدة قطاعات
قال رئيس إستراتيجية السلع في ساكسو بنك في التقرير: "شهد الاقتصاد الكلي بالفعل الحدث الرئيسي اللازم لتحفيز التطورات خلال عام 2023. ومن شأن التغيّر المفاجئ في توجه الحكومة الصينية بعيداً عن سياسة صفر كوفيد نحو إعادة فتح الاقتصاد وتحفيزه، أن يؤثر بشكل كبير في مستويات الطلب على السلع الأساسية، في حين يستمر شُح إمدادات العديد من السلع الأساسية ضمن قطاعات الطاقة والمعادن والزراعة وغيرها".
وأضاف: "من المرجح أن يسهم الانخفاض الكبير والمستمر في قيمة الدولار في دعم توجهات الإقبال على المخاطر مع استمرار تراجع مستوى التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يساهم في انخفاض متزايد لمنحنى أسعار الفائدة الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي.
وتوقع أن تؤدي زيادة احتمالات عدم حدوث الركود المرتقب أو اقتصار حدوثه على نطاق أقل من المتوقع، إلى إثارة رد فعل ملموس بين أوساط متداولي الأسهم المالية والسلع المادية، لا سيما مع إعادة تجهيز التوقعات المالية والمخزونات استعداداً لارتفاع مستويات الطلب.
وتابع: "يواصل قطاع السلع الأساسية اتجاهه على منحنى زيادة الأسعار؛ ولا بد أن تتباطأ وتيرة هذه الزيادة في مرحلة معينة، إلا أننا نتوقع استمرار الصعوبات التي يواجهها إمداد السلع الأساسية في تلبية مستويات الطلب خلال أعوام قليلة مقبلة. ومن المتوقع أن تشهد السلع الأساسية عاماً إيجابياً آخر مع ارتفاع في مؤشر بلومبرج لإجمالي عائدات السلع بنسبة 10%".
اليورو والين يشكلان ملاذين آمنين خلال النصف الأول من العام
تراجع الدولار الأمريكي بشكل كبير خلال الربع الأخير من العام الماضي، لا سيما مع تجاهل السوق محاولات الاحتياطي الفيدرالي للتمسك بسياسة رفع أسعار الفائدة لأطول فترة ممكنة، مما أدى إلى انعكاس جذري في منحنى العائدات الأمريكية. وتزامناً مع ذلك، حاول البنك المركزي الأوروبي مجاراة دورة تشديد السياسات التي أطلقها، في حين تعافى الين الياباني بثبات بعد اعتماد بنك اليابان على تدابير التشديد في الوقت الذي تحاول البنوك المركزية في أماكن أخرى الانسحاب من هذه التدابير.
وتحسن أداء اليوان بعد تغير سياسة الحكومة الصينية بالكامل.
ومن جانبه، قال جون هاردي، رئيس استراتيجية الفوركس لدى ساكسو بنك: "من المرجح أن يحمل عام 2023 مرحلةً صعبة للعملات، لا سيما في حال حافظ الدولار الأمريكي على قوته، في حين تشير التوقعات إلى إمكانية تفوق اليورو والين الياباني على نظرائهما من العملات.
وتوقع التقرير أن تزداد ثقة السوق مع المضي قدماً في عام 2023 نتيجة انعكاس سيناريو التضخم في الولايات المتحدة. وترغب الأسواق طبعاً بمواصلة انخفاض توقعات الاحتياطي الفيدرالي حتى نهاية العام الجاري، وذلك بالرغم من إصرار الاحتياطي الفيدرالي على موقفه بشأن رفع أسعار الفائدة لأطول فترة ممكنة، إلى جانب توجه اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة إلى تثبيت توقعات سعر الفائدة لصناديق الاحتياطي الفيدرالي على المخطط البياني فوق الـ 5% للعام الجاري، خلال اجتماع اللجنة في ديسمبر 2022.
وأفاد بأن أي تباطؤ في النمو الاسمي يعد سطحياً، في حين يعود النمو للتسارع من جديد بفضل التعافي في مستويات الطلب على السلع الأساسية، لا سيما مع إعادة فتح الاقتصاد في الصين.
وتوقع ارتفاع قيمة الدولار بقوة في بعض الأحيان في حال اضطرت الأسواق لإعادة التفكير بالمسار الذي تتوقعه للاحتياطي الفيدرالي خلال العام المقبل، أو في حال ترافق هذا التعديل مع تراجع الأسواق لمستويات متدنية جديدة في أصول المخاطر، وخاصةً الأسهم الأمريكية.
ويعتمد استمرار موجات بيع الدولار الأمريكي على عاملين رئيسين بالأهمية ذاتها، وهما توجه الاحتياطي الفيدرالي لتوفير السيولة وتعافي معدلات الإقبال على المخاطر على مستوى العالم. فبدورها، اعتمدت موجات بيع الدولار الأمريكي خلال الدورتين السابقتين على السيولة الهائلة التي وفرها الاحتياطي الفيدرالي في ظل الأزمة العالمية، إلا أنه ما يزال مستمراً في تشديد سياساته.
وأشار إلى أن تباطؤ أرباح الشركات والمخاوف من حدوث الركود قد يؤدي إلى عودة مكانة الدولار الأمريكي باعتباره ملاذاً آمناً في فترات محددة خلال النصف الأول من العام الجاري، حتى في حال تراجع عن مستوى ذروة الدورة.
وبعيداً عن المنحنى وخارج نطاق الربع الأول، نتوقع أن يتراجع الدولار الأمريكي بشكل ملموس بعد اضطرار الاحتياطي الفيدرالي لتوفير السيولة بهدف ضمان تنظيم سوق سندات الخزينة، بدون اللجوء إلى خفض أسعار الفائدة بشكل كبير أو خفضها على الإطلاق، لا سيما في ظل عودة التضخم إلى التسارع من جديد متجاوزاً أي تغير محتمل في معدلات النمو قصير الأجل، ومبتعداً عن التراجع الحالي والمضلل في مستويات التضخم. ونتوقع أن يقوم النموذج الجديد على التيسير الكمي بدون اللجوء إلى سياسة سعر الفائدة الصفري، وأن يستطيع تعطيل النموذج القديم.