أعلنت هيئة التراث اكتشاف عدد من النقوش المسندية الجنوبية، و3 خواتم ورأس ثور من البرونز، يعود إلى عصور ما قبل الإسلام، ضمن أعمال التنقيب التي تُجريها فِرق هيئة التراث بموقع الأخدود في منطقة نجران.
وأوضحت الهيئة أن النقوش المسندية الجنوبية المُكتشفة في موقع الأخدود بنجران، ذات طابع تذكاري، ومن أهمها وأبرزها نقش كبير مدون على حجر من الجرانيت، مكون من سطر واحد، يبلغ طوله 230 سم، وارتفاعه 48 سم تقريبًا، ويصل طول حروفه إلى 32 سم، ليكون بذلك أطول نقش مسندي عثر عليه في تلك المنطقة، ويعود لأحد سكان موقع الأخدود، واسمه (وهب إيل بن مأقن)، ويذكر من خلال نقشه هذا أنه قد عمل في سقاية بيته وربما قصره.
كما كشف عن 3 خواتم من الذهب، عليها من الأعلى زخارف على شكل فراشة، وجميعها يأخذ الشكل والمقاس نفسيهما، وهي من المعثورات الأثرية التي لم يكشف عنها مسبقًا في موقع الأخدود خلال المشاريع العلمية السابقة، فضلاً عن العثور على رأس ثور مصنوع من معدن البرونز، عليه آثار أكسدة، ويجري العمل حاليًا على ترميمه وفق المنهج العلمي.
المعروف أن رأس الثور كان من الأمور السائدة والشائعة لدى ممالك جنوب الجزيرة العربية في عصور ما قبل الإسلام؛ فهو رمز القوة والخصوبة، وهو الرمز الأهم والأبرز لدى السبئيين والمعينيين والقتبانيين.
مشروع التنقيب الأثري
أضافت الهيئة أنه عُثر أيضًا في موقع الأخدود على العديد من الجرار الفخارية بمختلف الأحجام والمقاسات، إضافة إلى اكتشاف أثري مهم لإناء من الخزف الأتيكي الذي يؤرخ إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
وجاءت هذه الاكتشافات خلال أعمال مشروع التنقيب الأثري الذي نفذته الهيئة بموقع الأخدود الأثري في نجران، للموسم الحادي عشر (1444هـ / 2022م) بمشاركة مجموعة من الخبراء السعوديين، للكشف عن أدلة ومعطيات علمية جديدة تساعد في فهم التسلسل الحضاري الذي لعبه موقع الأخدود الأثري بمنطقة نجران، منذ العصور التاريخية المبكرة.
وتركزت أعمال مشروع التنقيب الأثري التي نفذت في موقع الأخدود خلال الأشهر الماضية، بالجزء الشمالي الشرقي من موقع الأخدود، ضمن المنطقة الواقعة بين الحصن من جهة، والظواهر المعمارية لمبنى المسجد المكتشف خلال موسم عام 1417هـ، في المنطقة الوسطى من الموقع العام، والتي ساعدت على تقديم مزيد من المعطيات الأثرية والمعلومات المهمة حول الموقع.
ظواهر معمارية
كما كشف ضمن مشروع التنقيب الأثري لهذا الموسم، في الجزء الشرقي من الحصن على وجه التحديد، عددًا من الظواهر المعمارية التي تتمثل في العمارة السكنية التي لم يتبق منها سوى الأساسات، والمبنية من الحجر، وجاءت متشابهة في تخطيطها على نمط منازل الأخدود التي تتكون من ممر في المنتصف على جانبيه غرف صغيرة ومتوسطة، وأخرى عبارة عن مخازن.
وعثر على عدد من القطع الأثرية التي جاءت متنوعة، ولعل من أهمها القطع المعدنية والأواني الفخارية ذات الحواف المتموجة، والمباخر الحجرية، إضافة الى العثور على نقشين بالخط المسند على جدار إحدى الوحدات المعمارية.
وأسهمت نتائج المشروع العلمي منذ انطلاقتها في تحقيق العديد من الكشوفات الأثرية المهمة، وكشف الغطاء عن دلالات حضارية لمنطقة جنوب المملكة، من حيث التعاقب الحضاري الذي نشأ على أرضها، ويفسر وجود المستوطنات البشرية وانتشارها منذ عصور ما قبل الميلاد، على التعاقب الحضاري في منطقة نجران، ما يدل على الصلات الحضارية التي لعبتها المنطقة في تلك الفترة.
وتواصل هيئة التراث جهودها الحثيثة لإدارة مكونات التراث الثقافي وحمايته، وصونه والتعريف به، والاستفادة منه كمورد ثقافي واقتصادي مهم ضمن الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من رؤية المملكة 2030، عبر العمل وفق استراتيجيات دقيقة وشراكات علمية واسعة النطاق على المستويين المحلي والدولي.