هل تذكر شعور الاسترخاء الكلي الذي مر بك في زمن ما، هل تذكر ذاك الزمن الذي قضيت فيه فترة من حياتك لا تأبه بشيء مبتسما خالي الهم، لا يقلقك ولا تتوقع شيئا، هل تذكر ذاك الإدراك الذي كان يجعلك ترى كل منغص مجرد عامل يجعلك تقدر كل ما لا يكون طرفا في التنغيص، هل تتذكر مذاق الاكتفاء بنفسك أولا والذي على أثره كتبت معادلة مفادها أنا مجموعة أفكار ومشاعر ألونها باللون الذي أريده وأنا أريده شفافا لا يرتدي سوى لوني ولا يسكنه فكر سوى فكري ولا قناعة تحتله سوى قناعاتي راضيا بنفسي ومزاجياتي التي تحتال لتتحكم فيني متصالحا مع تقلباتها وثبات حالها.
أتذكر تلك المرحلة من حياتك؟ أو قد لا تذكرها لأنك لم تمر بها، هي مرحلة جميلة إن لم تسكنها قط فلقد ضيعت متعة من متع الحياة، أنا اُسمي تلك المرحلة الذهبية «مرحلة التواضع» والتواضع لا يدخل شيئا إلا زانه، فيها ستنسجم روحك مع جسدك وفكرك وقناعاتك ستمدك بطعم متفرد لو تذوقته مرة ستعود لتتذوقه مرة بعد مرة ستألفه وستجد نفسك تذهب إلى أقصى مر بتقبل أحيانا لأنك تعرف كيف تعود بنفسك متى شئت لمرحلة التواضع.
قبل فترة مرت بحياتي مرحلة معتمة كان سببها أنني أكبرت عن تقبل أمر خذلني بشدة، سكنت بإرادتي المرحلة المعتمة وتقبلت مرارتها وأبقيت نفسي فيها قاصدة لأنزع من روحي كل استفهاماتها وعندما نفد مخزون الخذلان والدهشة خرجت بإرادتي خفيفة من هم احتجزني وحجزت مقعدا للعودة لتلك الوجهة وجهة التواضع التي استقبلتني مرات عديدة إثر أحداث واجهتني في الحياة وأسكنتني هذه المرة جناح التواضع في بناء سقف التوقعات وحصلت على كل تلك المميزات التي ذكرتها في أول مقالي (فضلا عد لقراءتها).
مع عودتي لمرحلة التواضع سننت قانونا سلوكيا كنت أظنه غريبا ولكني استملحته ووجدته واجب التطبيق أحيانا وهو «إما معي أو ضدي لا وسطية أو حياد» ودونت في تقديري من كان معي بكله، أما من كان محايدا أو ضدي سأخفي عنكم فيهم حكمي، شجعني ذلك لتجربة مزيد من قوانين تنصفني وإن كنت أراها قبل ذلك غريبة وكلها تفرعت من مقولة «لنفسك عليك حق».
• عكاز
تتعثر وحيدا إن لم تصاحب نفسك.