كانت غزوة تبوك من الغزوات المفصلية في تاريخ الإسلام، وسببها أن الروم أرادوا غزو مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- فقرر الرسول أن يُبادئهم بالغزو.
كل الصعوبات وجدت في غزوة تبوك، إذ جاءت المعركة في وقت الحر الشديد، ويقابله زمن نضج البساتين والثمار الصيفية في المدينة.. وفي هذه الغزوة يظهر كسر الحاجز النفسي، فالمعلومات تصب في صالح دولة الروم القوية التي لا يمكن هزيمتها ولا حتى التفكير في منازلتها.
في غزوة تبوك تمايز الناس.. منهم من استعد للمشاركة، لكنه لم يجد مركوبًا يحمله.. وهناك من شارك وهناك من اعتذر بعذر، وفيهم من تخلف بلا عذر، وكان منهم الثلاثة الذين تخلفوا وهم هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب بن مالك، ورابعهم صحابي اسمه أبو خيثمة.
تخلف أبو خيثمة (مالك بن قيس) عن المعركة، وجاء إلى أهله والجو حار فوجد امرأتين له في عريشين لهما قد رشت كل واحدة عريشها، وبردت له ماءً وهيأت له طعاما. فلما دخل قال: رسول الله في الحر، وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء.. ما هذا بالعدل، والله لا أدخل عريشًا حتى ألحق برسول الله.. فلحق بالرسول وأصحابه بعد أيام من سيرهم، فأدركهم وقد وصلوا تبوك.. فلما رآه الصحابة قال لهم الرسول: كن أبا خيثمة.. وبعد وصوله أخبرهم أبو خيثمة بقصته واعتذر عما بدر منه.
ما أجمله من تصرف..
تحصل لنا تقلبات حياتية، وتمر بالإنسان مواقف عصيبة، ويحتار المرء في موقف ما هل يشارك أم لا، هل يتقدم أم يتأخر.. لا يدري وقتها كيف يتصرف ولا ماذا يفعل؟!
ومن هذا الموقف..
* ليس عيباً أن تخطئ.. العيب أن تصر على الخطأ.
* أن تأتي إلى الحق متأخراً خير من ألا تأتي..
* انتهز كل فرصة لتصحيح خطئك.
* أن تكون ذيلًا في الحق خير بألف مرة من أن تكون رأسًا في الشر!
* أن تعتذر عن موقف أخطأت فيه، وأن توضح سوء فهم عنك خلق سامٍ، المكابرة هي الهاوية.
* أسوأ الناس من تعتذر منه فيكابر عن قبول الأعذار، وأسوأ منه من يجدها فرصة لينقض عليك باللوم ويكيل لك العتب حتى يندمك على اعتذارك!
* أبو خيثمة رضي الله عنه لم يصطف مع «المخلّفين» الذين تخلفوا عن نصرة الحق، إنما اصطف مع الحق وذهب إليه ولو متأخرًا... وكأنه يقول لك: سر إلى الحق ولو وحدك.. التحق بالحق وإن خالفت من حولك، كن مع الحق ولا تبال بالأعذار ولا تحفل بالظروف.
* قفلة..
قال أبو البندري غفر الله له:
مقولة: (هي خربانة خربانة) نكبة تجعل صاحبها يصر على الخطأ.