يعد تاريخ العالم على كوكب الأرض أكثر إثارة للدهشة من الخيال العلمي الأكثر جنونًا، وهي حقيقة جرى توضيحها بما لا يدع مجالًا للشك في "أذار لاندز" (الأراضي الأخرى)، وهو عمل غير خيالي للكاتب البريطاني، توماس هاليداي، يدور عن كوكب الأرض قبل ملايين السنين.
ويعيد هاليداي، وهو عالم حفريات وخبير في علم الأحياء التطوري، ذلك التاريخ إلى الحياة من جديد، بطريقة مبدعة وجذابة، بداية من الماموث في العصر الجليدي بألاسكا، وصولًا إلى الغابات المطيرة الخصبة في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) خلال عصر الـ "إيوسين".
ويدعونا الباحث البريطاني لرؤية ذلك في صورة رحلة للعودة بالزمن إلى الوراء، وتحديدًا الظهور الأول للحياة الميكروبية قبل 550 مليون سنة.
طوفان "جارجانو"
يحتوي الكتاب على فصل رائع عن طوفان "جارجانو"، ويخبرنا أنه في إحدى المرات جفت مياه البحر المتوسط بأكمله، وصارت الجزر جبالًا، وتكوَّنت وديان على عمق أربعة كيلومترات تحت مستوى سطح البحر، وهي أدنى مستويات اليابسة في العالم.
وقد ترسبت طبقة من الملح، يزيد سمكها على 3 كيلومترات، في بعض الأماكن بقاع حوض البحر المتوسط.
كما نعرف من خلال الكتاب أن هناك أنواعًا من الكائنات العملاقة، مثل بومة الحظيرة، والفئران العملاقة، وأرانب الصفير، بالإضافة إلى الأوز العملاق والصقور، كانت تعيش في يوم من الأيام في "جارجانو" بإيطاليا.

كتاب لعالم الطبيعة
يقول هاليداي: "آمل أن تقرأوا هذا في سياق كتاب لعالم الطبيعة، وإن كان أحد الأراضي البعيدة في الزمن وليس الفضاء، وأن تبدأوا النظر لا إلى 500 مليون سنة الماضية، ليس كمساحة لا متناهية من الزمن الذي لا يمكن فهمه، ولكن كسلسلة من العوالم الرائعة، ولكن المألوفة في نفس الوقت".
ويأخذنا هاليداي إلى النظم البيئية التي اختفت منذ زمن طويل، كما لو كنا في رحلة ميدانية، وإلى الحيوانات المفترسة التي تأكل الديناصورات، والخيول ذات حجم القطط، وثعالب الماء العملاقة وطيور البطريق، التي كان يبلغ ارتفاعها مترين.
ويوضح خبير الأحياء أن "ماضي كوكبنا يختفي تحت التراب، وإنه يحمل ندوب تكويناته والتغيرات التي طرأت على قشرته الأرضية".
دراسة الصخور
ويشير هاليداي إلى أنه لا يمكننا "زيارة البيئات التي كانت تسير فيها الديناصورات العملاقة، ولا يمكن أبدًا أن نمشي على تربتها ولا نسبح في مياهها"، مع ذلك فإن الطريقة الوحيدة لتجربة ذلك من خلال دراسة الصخور، ويتابع أننا إذا قرأنا "آثارها في الرمال المتجمدة"، فيمكننا أن نحاول تخيل الأرض الخفية.
ويستكشف هاليداي في إطار عمله الأرضَ كما كانت من قبل، ويتتبع التغييرات التي حدثت على مدار التاريخ، والطرق التي تكيفت عليها الحياة أو أخفقت في القيام بذلك.
العصر البليوسيني قبل 4 ملايين عام
يتابع هاليداي: نعود إلى ذوبان العصر الجليدي (البليستوسين) قبل 20 ألف عام في السهل الساحلي الشمالي لألاسكا، إلى موقع كانابوي في كينيا للحفريات والحياة البشرية القديمة، في أثناء العصر البليوسيني قبل 4 ملايين عام، وإلى منطقة "جارجانو" في إيطاليا خلال عصر الميوسين قبل 33ر5 مليون عام.
وينتهى بنا المطاف عند موقع "تلال إديكارا" في أستراليا خلال العصر الأدياكاري قبل 550 مليون عام.
ويقول إن عمله هو بالضرورة تفسير شخصي للنتائج والبيانات المتاحة، مشيرًا إلى أنه عادة ما يفسر الباحثون البيانات بشكل مختلف.
ويسلط هاليداي الضوء على حقيقة، أن هناك مجموعة من الآراء المتضاربة، وقد استخدم إحدى الفرضيات المتنافسة.
الحياة قائمة على الأرض منذ نحو 4 مليارات سنة
يوضح هاليداي أن التاريخ الجيولوجي لكوكب الأرض، يعود إلى ما يقرب من 5ر4 مليار سنة، مضيفًا أن الحياة قائمة منذ نحو 4 مليارات سنة، وأن حياة الكائنات الأكبر من أحادية الخلية، تعود إلى نحو ملياري سنة.
ونعرف أن هناك عديدًا من الحيوانات التي نعتبر أن وجودها مسلمٌ به، جاءت في وقت متأخر نسبيًا، مثل الأعشاب، التي صارت حاليًا المكون الرئيسي لأكبر النظم البيئية على الكوكب، إذ إنها لم تظهر إلا قبل 70 مليون سنة فقط.
وفي محاولاتنا لتخيل تلك الأزمنة البعيدة، عادة ما نجمع ما بين كائنات عاشت في أزمنة تفصل بينها ملايين السنين. ويعيد هاليداي أزمنة عميقة إلى الحياة في بيئات مختلفة.
ويختتم هاليداي فصول كتابه، بالعودة إلى الحديث عن المناخ المتغير في عصرنا الحاليّ.
رصد كوكب جديد يعطي فكرة عن النهاية المحتملة لكوكب الأرض#اليوم pic.twitter.com/Q1Dz3Lj7pk— صحيفة اليوم (@alyaum) December 25, 2022