منذ تأسيس هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تميزت العديد من تلك المنشآت في المملكة خاصة في مجال الابتكار والتقنية والميز التنافسية مقارنة بدول الجوار، وولدت خلال السنوات السابقة علامات تجارية محلية مميزة وأصبحت قصص نجاح يقتدى بها لدى العديد من رواد وشباب الأعمال محليا وخارجيا، وتوسع عدد من تلك المنشآت خارج حدود المملكة بعد نجاح تجاربهم داخل السوق السعودي.
بالرجوع لوثيقة رؤية المملكة نجد أن أحد أهم المستهدفات هو رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20% إلى 35%، وفي أي اقتصاد نجد أن تلك المنشآت تلعب دور الرافعة الاقتصادية «Leverage» التي تقود عملية التنمية الاقتصادية، وأصبحت تلك المنشآت تمثل أداة رئيسية للتنمية ورفع معدلات النمو وتحريك النشاط الاقتصادي.
تحديات عديدة تمر بها تلك المنشآت، وأهم تحد هو الاستدامة والتوسع، فالظروف الحالية التي يمر بها قطاع الأعمال والاقتصاد عالميا له تأثير كبير على تلك المنشآت، والتي تتأثر بشكل أكبر من غيرها في حال وجود أي تقلبات اقتصادية عالمية.
كوجهة نظر شخصية أرى أن دعم المنشآت التي أكملت سنوات من تأسيسها أهميته أكبر من الدعم للمنشآت الحديثة والتي يتركز الدعم عليها بشكل أكبر في كثير من برامج الدعم الحكومي، ولتعزيز استدامة تلك المنشآت أرى أهمية لوجود برامج دعم مالي مختصة في الحوكمة وإنشاء المجالس الاستشارية لتلك المنشآت، وذلك من خلال برنامج تشرف عليه هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويكون مشابها لبرنامج دعم الأجور الذي يشرف عليه صندوق الموارد البشرية «هدف».
المجالس الاستشارية والتي تعرف في قطاع الأعمال بـ “Advisory Board”، تشمل أعضاء من مجموعة من المستشارين في عدة تخصصات يتم اختيارهم بعناية وفقا لنوعية ونشاط المنشأة، ويجتمع أعضاؤها على أساس شبه دوري في السنة، ومن خلالها يتم تقديم المشورة حول جميع التحديات أو مكامن الضعف التي تواجه الرئيس التنفيذي أو قائد تلك المنشأة، بالإضافة لكيفية دعم التغيير وإدارة الأزمات التي يواجهها قطاع الأعمال من خلال رسم الإستراتيجيات، وفي الواقع نجد أن وجود تلك المجالس الاستشارية يخفف من الأعباء المالية على المنشآت بالمقارنة مع تكاليف التعاقد مع مستشارين مستقلين أو توظيف أصحاب الكفاءات والخبرات بدوام كامل، أي بمعنى آخر يساعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم على سد جميع الثغرات المرتبطة بالخبرة والمعرفة التي تحتاجها.
في الوقت الحالي نجد العديد من البرامج التي تقدمها بعض الجهات الحكومية لدعم قطاع الأعمال فيما يخص تقديم ساعات استشارية مجانية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولكن كوجهة نظر شخصية أرى أن وجود الاستقلالية في إنشاء مجالس استشارية خاصة لتلك المنشآت سيكون تأثيره أكبر في استدامتها وتوسعها، والحل الأمثل لذلك هو تخصيص برامج لدعم مكافآت أعضاء تلك المجالس لمدة معينة حتى تنتشر ثقافة أهمية وجود وتأسيس تلك المجالس في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأيضا سيساهم ذلك في رفع معدلات التراكم المعرفي بشكل أكبر من خلال الاحتكاك مع الخبرات خاصة لرواد وشباب الأعمال.
في العديد من دول العالم نجد إيمانا قويا لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تأسيس مجالس استشارية، وتلك المنشآت كتبت قصص نجاح لها في وقت قصير بعد تأسيس مجالس استشارية خاصة بها، وكثير من الدراسات أثبت أن وجود المجالس الاستشارية كان له دور كبير في رفع معدلات استدامة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتوسعها.
ختاما، حتى نصل لمستهدفات الرؤية فيما يتعلق برفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي، من المهم أن ندعم تأسيس مثل تلك المجالس خاصة في المنشآت الطموحة والأسرع نموا.