DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

نهاية عصر الحياد.. كيف غيرت الحرب الأوكرانية خريطة أوروبا السياسية؟

نهاية عصر الحياد.. كيف غيرت الحرب الأوكرانية خريطة أوروبا السياسية؟
نهاية عصر الحياد.. كيف غيرت الحرب الأوكرانية خريطة أوروبا السياسية؟
الحرب الروسية الأوكرانية كسرت حياد عدة دول أوروبية - رويترز
نهاية عصر الحياد.. كيف غيرت الحرب الأوكرانية خريطة أوروبا السياسية؟
الحرب الروسية الأوكرانية كسرت حياد عدة دول أوروبية - رويترز

واجهت أوروبا اختبارًا صعبًا خلال العام الماضي، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، إذ كسرت دول أوروبية حيادًا تاريخيًا وسط التجاذبات بين موسكو ودول الغرب.

بعد أسابيع من اندلاع القتال، تقدمت السويد وفنلندا رسميًا لعضوية حلف شمال الأطلنطي "الناتو"، في تغير جذري يخالف سياسات الحياد الطويلة الأمد.

عندما قدمت السويد وفنلندا طلباتهما الرسمية للانضمام إلى الناتو في 18 مايو 2022، كان ذلك خروجًا تاريخيًا عن سياسات الحياد، وإشارة واضحة على أن غزو أوكرانيا كان يعيد رسم الإطار الأمني لأوروبا.

واستعرضت قناة "فرانس 24" في تقرير لها، تغير الخريطة السياسية في القارة العجوز بعد عام مع مرور الحرب الروسية الأوكرانية.

حياد "صعب"

يقول ماكس بيرجمان، مدير برنامج أوروبا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن الخطوط الفاصلة بين الحياد وعدم الحياد تصبح غير واضحة بالضرورة، بمجرد انضمام البلدان إلى الاتحاد الأوروبي.

ولفت إلى أن الحرب في أوكرانيا تحدت مفهوم الحياد، قائلًا: "كيف يمكن أن تكون الدول محايدة في الواقع وسط الظروف الحالية".

رغم أن سويسرا هي الدولة الرمزية للحياد عالميًا، إلا أن الظروف السياسية حالت دون استمرار ذلك، إذ انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على روسيا.

قلق فنلندا والسويد

تعود سياسة الحياد الفنلندية إلى عام 1948، عندما دخلت في اتفاقية سلام مع الاتحاد السوفيتي، والتي نصت على التعاون الدفاعي المتبادل.

منعت المعاهدة أي طرف من الانضمام إلى تحالف عسكري يعادي الآخر، وطالبت فنلندا بصد أي هجوم يستخدم أراضيها لاستهداف الاتحاد السوفيتي.

ويقول جاكوب ويستبيرج، الأستاذ المشارك في دراسات الحرب في جامعة الدفاع السويدية، إن تلك البنود، دفعت فنلندا دائمًا لمراعاة كيفية تأثير كل عمل سياسي على علاقتها مع الاتحاد السوفيتي، ولذلك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، تفاوضت فنلندا على الخروج من المعاهدة.


أما السويد فامتنعت عن التحالفات العسكرية بعد نهاية الحروب النابليونية، وظلّت محايدة في الغالب طوال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، وبعد ذلك، مثل فنلندا، أقامت علاقات أوثق مع الناتو بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

أنهت السويد رسميًا سياستها الحيادية في عام 2007، بالتصديق على معاهدة لشبونة مع بند الدفاع المشترك للمادة 42.7، والتي تلزم أعضاء الاتحاد الأوروبي بمساعدة أي دولة عضو تتعرض للهجوم.

ووقعت السويد إعلان التضامن مع الناتو في عام 2009، والذي شكل منذ ذلك الحين الأساس لعقيدتها الأمنية، ثم وقعت دول الشمال الخمس -السويد وفنلندا والدنمارك وأيسلندا والنرويج- إعلان الشمال بشأن التضامن في أبريل 2011، ووافقت على أنه "في حالة تضرر بلد من بلدان الشمال الأوروبي، فإن الدول الأخرى، بناءً على طلب من ذلك البلد، ستساعد في الأمور ذات الصلة وسائل".

يقول بيرجمان، إن الحرب الروسية لأوكرانيا كانت بمثابة "حافز كبير" لقرارات فنلندا والسويد بالانضمام إلى الناتو، إذ أدركتا أن "الحرب التقليدية قد عادت إلى أوروبا".

وأضاف: "بدأت الدولتان في وضع خطط للانضمام إلى الناتو، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، والذي اعتبراه دعوة للاستيقاظ بأن روسيا تشكل تهديدًا حقيقيًا.

ويقول أندرو كوتي من قسم الحكومة والسياسة في جامعة كوليدج كورك، إن فنلندا على وجه الخصوص تجنبت الانضمام رسميًا إلى الناتو قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، لأنها تشترك في حدود بطول 1340 كيلومترًا وتاريخًا طويلًا مع روسيا. وتاريخيًا، وافقت السويد وفنلندا، وخاصة الأخيرة، على تبني سياسات الحياد، جزئيًا، وليس "استعداء أو استفزاز الاتحاد السوفيتي".

بعد الحرب الأوكرانية، كان هناك تحول كبير في الرأي العام في كل من فنلندا والسويد، إذ شعر العديد من مواطني الدولتين أن روسيا كانت تهديدًا حقيقيًا محتملًا لهم، بحسب "بيرجمان".

وبمجرد أن لاحظت السويد، أن فنلندا تتخذ خطوات للانضمام إلى حلف الناتو، حذت حذوها.

وقدمت السويد أكثر من 475 مليون دولار مساعدات عسكرية لأوكرانيا، بينما أرسلت فنلندا حزمة الدفاع الثانية عشرة والأكبر إلى أوكرانيا في 20 يناير.

سويسرا تكسر الحياد

يقول ويستبيرج، إن سويسرا تفتخر بأنها تمتلك أطول تراث من الحياد في العالم، التي تعود إلى عام 1815.

ويكمل: "سويسرا لم تنضم إلى الأمم المتحدة حتى عام 2001، لأنها شعرت أنه من المهم الحفاظ على مسافة واحدة من القوى العالمية الأخرى".

ويوضح ويستبيرج، أن كلًا من سويسرا وأيرلندا لديهما رفاهية عدم الحاجة إلى اتباع استراتيجيات دفاعية قوية، نظرًا لموقعهما الجغرافي، مشيرًا إلى أن كونك محاطًا بدول الناتو، يجعل الغزو غير محتمل، ويخلق "إرثًا قويًا من الدعم للحياد".

بعد الحرب الروسية الأوكرانية والمناقشات اللاحقة حول الأمن القومي، وتحركت سويسرا لزيادة ميزانيتها العسكرية في 2 يونيو 2022، إلى 1٪ على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.

كان هذا انعكاسًا لاتجاه ما بعد الحرب الباردة، الذي شهد إنفاقًا عسكريًا انخفض من 1.34٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1990 إلى 0.67٪ في عام 2019.

وقدم زعيم حزب FDP، يمين الوسط في سويسرا، تييري بوركارت، اقتراحًا إلى الحكومة في 6 فبراير بإجراء تغييرات في سياسة الحياد الحالية في البلاد.


النمسا.. حياد عسكري لا سياسي

تلتزم النمسا بالحياد بموجب معاهدة الدولة النمساوية لعام 1955 ودستورها، مما يمنعها من تشكيل تحالفات عسكرية وإنشاء قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها.

ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، تعهدت النمسا بتقديم أكثر من 580 مليون يورو لأوكرانيا، وهذا في الغالب في المساعدات الإنسانية، إذ إن الحياد المنصوص عليه في الدستور النمساوي لا يسمح بتسليم الأسلحة.

ولكن اللافت ما قالته وزيرة الدفاع كلوديا تانر، إذ صرحت: "بينما نحن محايدون عسكريًا وفقًا لدستورنا ولوائحنا القانونية، فإننا نؤكد أننا لسنا محايدين سياسيًا عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا".


دعوة للاستفتاء على الحياد بأيرلندا

بعد وقت قصير من إعلان الاستقلال في عام 1937، تبنت أيرلندا سياسة الحياد عندما بدأت الحرب العالمية الثانية كوسيلة لمواجهة التهديد المحتمل من ألمانيا.

تلقت أيرلندا دعوة للانضمام إلى الناتو في عام 1949 لكنها رفضت، قائلة إنها لا تريد الانضمام إلى تحالف يضم المملكة المتحدة.

ويقول كوتي إن تاريخ الحياد الأيرلندي له أصول قوية في النضال من أجل الاستقلال عن المملكة المتحدة، وترتبط به عناصر مهمة من مناهضة الإمبريالية ومعاداة العسكرة.

وبحسب "كوتي"، يمثل دعم أيرلندا السياسي لأوكرانيا خروجًا مهمًا عن موقفها خلال الحرب العالمية الثانية.

وُصفت سياسة أيرلندا بشكل جيد بعد غزو أوكرانيا من قبل رئيس الوزراء آنذاك ميشال مارتن، الذي قال مرارًا وتكرارًا أن "السياسة الرسمية لأيرلندا هي عدم الانحياز عسكريًا"، مضيفًا: "مع ذلك، نحن لسنا منحازين سياسيًا".

أثارت الحرب في أوكرانيا جدلاً في أيرلندا، بخصوص إعادة النظر في الحياد العسكري للبلاد وإجراء استفتاء لتكريس الحياد في دستور البلاد.

يقول بيرجمان: "هناك شعور متزايد في أيرلندا الآن بأن الأمن والدفاع يمثلان تحديًا جماعيًا، وأنه لا ينبغي أن يعتمد كليًا على حماية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة".

وأعلنت الحكومة الأيرلندية في 18 يوليو 2022 عن أكبر زيادة في الإنفاق الدفاعي في تاريخ البلاد، إذ قفزت من 1.1 مليار يورو إلى 1.5 مليار يورو بحلول عام 2028. تاريخيًا، كان لدى أيرلندا واحدة من أدنى ميزانيات الدفاع في أوروبا.