بدأت العرضة قديمًا في تفاصيلها أو طريقة أدائها لإخافة الأعداء بإظهار الكثرة العددية أمامهم، وتخويفهم بأصوات قرع الطبول، وشحذ الحماسة والبسالة للمقاتلين، ورفع الروح المعنوية لديهم بترديد القصائد الحماسية.
وفي عام ١١٧٨هـ - ١٧٦٥م في عهد الإمام محمد بن سعود في أثناء هجوم عريعر بن دجین زعيم الأحساء ومعه دهام بن دواس أمير الرياض على الدرعية، واشتداد الأمر على قوات الدولة السعودية، الذين أحسنوا البلاء في الصمود والتصدي، عزم الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود على رفع معنويات الفرسان المقاتلين، فأمر في آخر مطلع النهار بإقامة العرضة خارج السور، فأثار ذلك روح الحماسة والشجاعة في نفوس المقاتلين، فقلبت بذلك موازين القتال، وأصبح النصر حليفًا لهم وألحقوا بالمعتدين شر هزيمة.
تأثير فعال في إثارة روح الحماسة والشجاعة
للعرضة تأثير فعال في إثارة روح الحماسة والشجاعة في نفوس الفرسان المقاتلين، فكانت تقام قبل التوجه إلى ساحة المعركة في نقطة تجمع يلتقي فيها المقاتلون مع قائدهم الذي يستعرض جنده ليتفقدهم، ويتأكد من جاهزيتهم لخوض غمار المعركة وليبعث فيهم روح الاعتزاز والحمية.
وتقام بعد ذلك العرضة في صفوف ذات أداء مهيب متزن يثير العزائم، ويحيي مشاعر الشجاعة والتفاني في نفوس المقاتلين، كما كان لها حضور بعد عودة المقاتلين منتصرين، فتقام من أجلهم العرضة احتفالًا واعتزازًا بنصرهم.
فالعرضة في الأصل رقصة حربية تثير عزائم المقاتلين، وهي صورة من صور التلاحم بين القائد وشعبه، يؤديها الفرسان أمامه مظهرين بذلك حبهم لأرضهم ومدى انتمائهم واعتزازهم بها ووفائهم وإخلاصهم لقائدهم، إذ تضمنت العرضة القصائد البطولية التي تعرض أمجاد القادة وإنجازاتهم، وتضحيات الآباء وبطولاتهم واستبسالهم للدفاع عن أراضيهم والتغني بالانتصارات.
مني عليكم ياهل العوجا سلام.. واختص ابو تركي عما عين الحريب يا شيخ باح الصبر من طول المقام.. يا حامي الوندات ياريف الغريب اضرب على الكايد ولا تسمع كلام.. العز بالقلطات والراي الصليب لو ان طعت الشور يالحر القطام.. ما كان حشت الدار واشقيت الحريب
أبيات من الشعر الحماسي
كان الفارس يشارك في أداء عرضة الخيل من خلال عرضه على صهوات الجياد، وتسمى بالحدوة، ويعود اسمها في الأصل إلى حداء الخيل، إذ ينفرد الفارس في بدء تلك العرضة وهو يحدو على صهوة جواده بهدف تعريف نفسه متجاذبًا الأصوات مع الفرسان الآخرين بفخر وحماسة، ويطلق عليه الحادي، ثم ينضم بعد ذلك إلى صفوف العرضة ويشاركهم وهو على صهوة جواده.
تُستهل العرضة بالحوربة، وهو النداء لبدء العرضة، ويطلق عليها كذلك البيشنة أو الشوباش، وينادي أحد مؤدي العرضة (يطلق عليه المحورب) بصوت مرتفع ويكون محمولًا على أكتاف الرجال، ليصل مدى صوته مسامع الجميع مسترسلًا ببيت أو بيتين ولا تزيد على 3 أبيات من الشعر الحماسي يستحثهم على الحضور مخبرًا إياهم ببدء العرضة.
المشاركون ينظمون الصفوف في صفين متقابلين
بمجرد سماع الحوراب وارتفاع النداء معلنًا بدء العرضة، يبدأ المشاركون في العرضة بتنظيم الصفوف مشكلين صفين متقابلين، ويكون متوسط عددهم من 40 إلى 50 عارضًا.
ويكون الصف متزنًا لا يسوده أي خلل متماسكين بأيدي بعضهم بعضا ويبدأون (النز) وهو التمايل والاهتزاز يمينًا وشمالًا، ويستمرون إلى حين نزول المحورب وإلقائه الشطر الأول من البيت، ومن ثم يرددها الصف الذي من خلفه بالتناوب مع الصف الآخر.
ثم يلقي الشطر الثاني من البيت ويردد كل صف البيت الشعري ترديدًا جماعيًا موحدًا، وتستمر هكذا على النسق نفسه، ومن ثم يبدأ قرع الطبول وتتراقص الصفوف بثني الركب يمينًا وشمالًا حاملين في أيديهم السيوف متمايلين بها.
وحينما يُسمع بيت يتضمن الفخر والحماسة، يرفع أصحاب الصف سيوفهم أعلى من مستوى الرأس مصحوبًا برفع الصوت إلى أقصى ما يمكن، وتارة يضعون السيوف على أكتافهم، ويجري ذلك وفق اتساق جماعي تام فيما بينهم.