لم تقتصر شهرة الأحساء الواسعة على أنها أكبر واحة زراعية في العالم، كما أعلنت عن ذلك منظمة «اليونسكو الدولية»، ولم تقتصر تلك الشهرة على أنها، كما أعلنت ذات المنظمة، من أهم المدن التراثية على مستوى عالمي، ولم تقتصر تلك الشهرة على وجود بئر للنفط بها تُعدُّ من أكبر الآبار النفطية بالمملكة، ولم تقتصر شهرتها على إنتاج أجود التمور التي كانت سلة غذائية هامة لدول الجوار ولدول عربية أخرى قبل اكتشاف النفط، ولم تقتصر شهرتها على إنشاء مشروع الري والصرف الذي يُعدُّ أكبر مشروع من نوعه في الشرق الأوسط، حيث قنّن بواسطته توزيع المياه على الأراضي الزراعية، ووقف الهدر المائي الذي كان يُلحق أفدح الأضرار بالمنتوجات الزراعية وعلى رأسها التمور، ولم تقتصر شهرتها أيضًا على وجود العيون الجارية في مدنها التي تغنى بها الشعراء القدماء وشعراء العصر الحاضر.
لم تقتصر هذه الشهرة على تلك المميزات المشهودة للعيان، بل أضيفت لها ميزة حيوية أخرى تتمحور في مجالسها العائلية التي أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، قبل أيام أثناء زيارته التفقدية الأخيرة للواحة، وزيارته لمعظم تلك المجالس، أنها منبر للعلم والثقافة منذ القِدَم، وهي كذلك، فإذا عُدنا لتاريخها القريب اكتشفنا أنها كانت محطة لطلاب العلم الوافدين إليها من كل حدب وصوب لتحصيل العلوم على يد كبار العلماء فيها، وقد ساهمت تلك المجالس في الوقت ذاته في تنشيط وتفعيل الحراك الثقافي فيها، وزيادة الترابط الاجتماعي الذي تتميّز به المحافظة، كما قال سموه، فتلك المجالس بالفعل أدت إلى تعميق وتعزيز الروابط الاجتماعية بين الأسر في الأحساء، وأدت أيضًا إلى قيام مساحات كبيرة من التكافل والتكامل المنشودَين بين أهالي المحافظة، وتلك ميزة ليست جديدة في حد ذاتها، واستمراريتها علامة هامة لصحة وسلامة تمسُّك أهالي الأحساء بها، وعدم التفريط في إيجابياتها العديدة.
[email protected]