أعيش هذا اليوم مناسبة غالية على قلبي وقلوب كثير من أبناء وبنات هذا الوطن المعطاء الذي كل واحد منهم يقص عليك قصة نجاح مختلفة عن الآخر في كل مجالات الحياة، مفاخر وإبداعات لم تكن لو لم تكن هناك بيئة مستقرة جاذبة واعدة ناضجة فكريا وعالية معنويا بقيادة رشيدة تليدة، إنها حلم تحول لحقيقة يوم أن خطط رجل حكيم لإرسال ابنه للتعليم لإيمانه بأن العلم يرفع البيوت والجهل يهدم شرفها فقام الأمير سعود بن محمد بن مقرن (الأمير الرابع عشر) لإعداده لتولي الإمارة من بعده بعد أن تعلم العلوم الكافية وهدفه أن تكون إمارة الدرعية محط الأنظار وقبلة طلاب العلم ولها مكونات الدولة المتكاملة فتولى الحكم في ٣٠ من جمادى الآخرة لعام ١٢٣٣ هجرية الموافق للثاني والعشرين من فبراير لعام ١٧٢٧ ميلادية ليكون الأمير الخامس عشر لأسرة آل مقرن وبداية عهده لدولة جديدة تنضوي تحت رايتها إمارات وقبائل الجزيرة العربية بعد أن أصبح هاجسه وهدفه جمع شمل الناس وتجديد ما اندرس من معالم الدين والنهوض بنجد من عصور متعاقبة من التشتت والمعاناة ليصبحوا متآخين ومتحابين تحت قيادة واحدة وقريبة من الشعب، لتستمر خلال ثلاثة قرون وتتعرض لصعوبات ما تلبث ثم ترجع القيادة لدفة الحكم إيمانا منهم بدورهم والتفاف الناس حولهم واجتماع الكلمة عليهم من الدولة السعودية الأولى ثم الدولة السعودية الثانية وانتهاء بقيام الملك المؤسس بالدولة السعودية الثالثة معلنا توحيدها تحت اسم المملكة العربية السعودية بناء على مقترح شارك في صياغة خطابه عدد من وجهاء البلد وعلمائها ومفكريها ذكرهم فؤاد حمزة في كتابه (البلاد العربية) وذكر في جريدة الرياض عدد ١٥٧٩٥ في تاريخ ٢٢ سبتمبر ٢٠١١ ميلادية ونسبة لوالد الإمام محمد بن (سعود) رحمهم الله رحمة واسعة الذي أعد ابنه محمد لهدفه الكبير الجميل الذي ما زلنا نتفيأ ظلها ونتقلب في رغد عيشها (وما بكم من نعمة فمن الله) فسميت السعودية نسبة لاسم سعود الذي هو اسم عربي أصيل معناه جمع سعد وهو دلالة على السعادة والحظ والفأل الحسن ولأن الإنجليز كانوا يطلقون على رعايا الدولة السعوديين ذلك فبادر أهل الفكر والعلم الملك المؤسس بهذا المقترح وتتالت البرقيات باستحسان هذا المسمى الذي لا يقتصر الاسم على إقليم معين ويوحدهم تحت راية واحدة، واليوم بعد ذكر هذا العمق التاريخي والإرث الثقافي والنهج الأصيل للرجوع لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام وإعمال ذلك في سلطات الدولة الدستورية (التنظيمية والقضائية والتنفيذية) ممثلة في مجلسي الوزراء والشورى السعوديين والنهوض بأبناء وبنات الشعب في كل المجالات ولتتصدر دول الشرق الأوسط في الريادة العالمية وصنع القرار العالمي التي هي أكبر دول الشرق الأوسط من حيث المساحة وتتربع فوق أكبر حقلي نفط وغاز في العالم ولها ثقلها الإسلامي من حيث كونها قبلة المسلمين وبلاد الحرمين الشريفين، وسعي الدولة الحثيث للتحول من الاقتصاد النفطي للاقتصاد المعرفي برؤية ٢٠٣٠، وإيمانا منهم كما في التأسيس ١٧٢٧ بضرورة التسلح بالعلم والمعرفة وما نتقن من مهارات وما نستثمره من ثروات في ظل ملكنا الملك الحكيم سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله وحقق لنا جميعا ما نتطلع له قيادة وشعبا ونستشرفه من آفاق عالمية ومستقبل زاهر، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
* عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق، جامعة الملك فيصل